وليس إمضاؤهم متعلقا بطبيعي البيع ، فإنه لا أثر له ، والآثار إنما تترتب على آحاد البيع الصادرة عن آحاد الناس . ومن الواضح أن العقلاء إنما يمضون تلك الآحاد المترتبة عليها الآثار ، وليس إمضاء أحدها عين إمضاء الآخر ، بل لكل واحد منها إمضاء على حياله واستقلاله ، كما هو مقتضى كون البيع سببا لإمضاء عقلائي . وكيف كان ، فلا ريب في أن لكل بيع من البيوع الموجودة في الخارج إمضاء عقلائيا يباين إمضاء عقلائيا آخر ، وهكذا . . . ، سواء كانت البيوع صادرة عن شخص واحد أو عن أشخاص متعددة . وعليه ، فإذا كان لدليل الإمضاء إطلاق قد دل بإطلاقه على نفوذ كل إمضاء عقلائي فلا محالة دل بالالتزام على إمضاء كل سبب يتسبب إليه ، وإلا فلا يعقل إمضاؤه بدون إمضائه . فإنه نقض للغرض كما لا يخفى . فالنتيجة من جميع ذلك : أن الإيراد المزبور إنما يتم فيما لو كان هناك مسبب واحد وله أسباب عديدة ، ولكن قد عرفت أنه لا أصل له على جميع المسالك في تفسير المسبب ، ولا يعقل أن يكون لمسبب واحد أسباب متعددة على الجميع ، بل لكل سبب مسبب ، فإمضاؤه بعينه إمضاء لسببه . هذا كله بناء على مسلك القوم في باب المعاملات . التحقيق : أن كون صيغ العقود أسبابا أو آلة كل ذلك لا يرجع إلى معنى صحيح ، وذلك لما حققناه سابقا : من أن ما هو المشهور من أن الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ فاسد فإنهم : إن أرادوا به الإيجاد التكويني الخارجي فهو غير معقول ، بداهة أن اللفظ لا يكون واقعا في سلسلة علل وجوده وأسبابه . وإن أرادوا به الإيجاد الاعتباري فيرده : أنه يوجد بنفس اعتبار المعتبر ، سواء أكان هناك لفظ يتلفظ به أم لم يكن ، فاللفظ لا يكون سببا لإيجاده ولا آلة له ، فلا يكون محتاجا إليه أصلا ، كيف ؟ فإن الأمر الاعتباري لا واقع له ، ما عدا اعتبار المعتبر في أفق النفس . وأما الخارج عنه من اللفظ والكتابة والإشارة والفعل