والأعمي في أخذ الصحة الفعلية في المسمى وعدم أخذها فيه ، فإنه على الصحيحي لا بد من تقييده بعنوان خاص كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر ، أو نحوه مما هو مؤثر في حصول الغرض . ولكن ، قد تقدم [1] : أنه لا يعقل أخذها في المأمور به ، فضلا عن أخذها في المسمى ، فلا تكون الصحة بهذا المعنى موردا للنزاع ، فإن النزاع - كما عرفت [2] مرارا - إنما هو في الصحة بمعنى التمامية ، ومن المعلوم أنها ليست شيئا آخر وراء نفس الأجزاء والشرائط بالأسر . ولا هي موضوع للآثار ، ولا مؤثرة في حصول الغرض ، وعليه فلا حاجة إلى تقييد المسمى بعنوان بسيط خارج عنهما . ومن هنا يظهر : أن هذه المسألة ليست من المسائل الأصولية ، والوجه في ذلك : هو ما حققناه [3] في أول الكتاب في مقام الفرق بين المسائل الأصولية ومسائل بقية العلوم من أن كل مسألة أصولية ترتكز على ركيزتين أساسيتين : الركيزة الأولى : أن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلي الإلهي ، وبهذه الركيزة امتازت المسائل الأصولية عن القواعد الفقهية بأجمعها على بيان تقدم . الركيزة الثانية : أن يكون وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها ، أي بلا ضم كبرى أو صغرى أصولية أخرى إليها ، وبهذه الركيزة امتازت عن مسائل سائر العلوم الدخيلة في الاستنباط : من النحو ، والصرف ، والرجال ، والمنطق ، واللغة ، ونحو ذلك ، فإن مسائل هذه العلوم وإن كانت دخيلة في الاستنباط إلا أنها ليست بحيث لو انضم إليها صغرياتها أنتجت نتيجة فقهية . وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر : أن هذه المسألة ليست من المسائل الأصولية ،
[1] تقدم في ص 155 فراجع . [2] تقدم في ص 153 فراجع . [3] تقدم في ص 15 فراجع .