وعلى ضوء هذا يستبين فساد ما أفاده شيخنا الأستاذ [1] ( قدس سره ) من أنه على الصحيحي لا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، كما أنه على الأعمي لا مناص من الرجوع إلى البراءة ، بتقريب أن تصوير الجامع على الصحيحي لا يمكن إلا بتقييد المسمى بعنوان بسيط خاص : إما من ناحية علل الأحكام ، أو من ناحية معلولاتها ، وأن هذا العنوان خارج عن المأتي به ومأخوذ في المأمور به ، وعليه فالشك في اعتبار شئ جزءا أو شرطا - لا محالة - يوجب الشك في حصول العنوان المزبور ، فيرجع الشك - حينئذ - إلى الشك في المحصل ، والمرجع فيه قاعدة الاشتغال دون البراءة . والوجه في فساده : هو ما سبق [2] من أن الجامع على القول بالصحيح على كل تقدير لا بد من أن ينطبق على الأجزاء والشرائط انطباق الكلي على أفراده ، وعليه كان الشك في اعتبار جزء أو قيد في المأمور به من دوران المأمور به نفسه بين الأقل والأكثر ، فعلى القول بالانحلال كان المرجع فيه البراءة عن وجوب الأكثر ، فنتيجة ذلك : هي أن المأمور به بتمام أجزائه وشرائطه هو الأقل دون الأكثر ، وقد عرفت [3] أن القول بالاشتغال مبني على أن يكون المأمور به عنوانا بسيطا مسببا عن الأجزاء والشرائط الخارجيتين ، ومتحصلا منهما ، وهو خلاف المفروض . وأما ما ذكره ( قدس سره ) : من أنه على الصحيحي لا بد من تقييد المسمى بعنوان بسيط : إما من ناحية العلل ، أو من ناحية المعلولات فيرده : أنه خلط بين الصحة الفعلية التي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج ، والصحة بمعنى التمامية ، فالحاجة إلى التقييد إنما تكون فيما إذا كان النزاع بين الصحيحي
[1] انظر فوائد الأصول : ج 1 ص 79 . [2] تقدم في ص 173 فراجع . [3] تقدم في ص 191 فراجع .