إذا قامت قرينة على الخلاف ، وعلى الثاني ينعكس الأمر . بل يجري النزاع حتى على القول بأن هذه الألفاظ استعملت في لسان الشارع في معانيها اللغوية ، ولكنه أراد المعاني الشرعية من جهة نصب قرينة تدل على ذلك بنحو تعدد الدال والمدلول ، كما نسب هذا القول إلى الباقلاني [1] . والوجه في ذلك : هو أن يقع النزاع في أن الشارع حين إرادته المعاني الشرعية بالقرينة هل نصب القرينة العامة على إرادة المعاني الصحيحة حتى تحتاج إرادة الأعم إلى قرينة خاصة ، أو أنه نصبها على إرادة الأعم فإرادة الصحيحة تحتاج إلى قرينة خاصة ؟ الجهة الثانية : الظاهر أن الصحة بمعنى : التمامية من حيث الأجزاء والشرائط التي يعبر عنها في اللغة الفارسية بكلمة ( درستي ) وهي معناها لغة وعرفا . وأما تفسير الفقهاء الصحة بمعنى : إسقاط القضاء والإعادة ، والمتكلمين بمعنى : موافقة الشريعة فكلاهما من باب التفسير باللازم ، فالصلاة - مثلا - إذا كانت تامة من حيث أجزائها وشرائطها كانت موافقة للشريعة ، ومسقطة للإعادة والقضاء ، وليس شئ من ذلك معنى الصحة ، ولا من الحيثيات التي تتم بها حقيقتها . وهذا هو الحال في سائر المركبات الشرعية والعرفية . ومن ذلك ظهر فساد ما أفاده شيخنا المحقق [2] ( قدس سره ) حيث قال ما لفظه : إن حيثية إسقاط القضاء وموافقة الشريعة وغيرهما ليست من لوازم التمامية بالدقة ، بل من الحيثيات التي تتم بها حقيقة التمامية ، حيث لا واقع للتمامية إلا التمامية من حيث إسقاط القضاء ، أو من حيث موافقة الأمر ، أو من حيث ترتب الأثر إلى غير ذلك ، واللازم ليس من متممات معنى ملزومه ، فتدبر .
[1] قوانين الأصول ص 38 في حاشية منه ( رحمه الله ) عليها . [2] نهاية الدراية : ج 1 ص 50 وهامشها .