الخطاب لا يبرز معناه إلا مقترنا بالخطاب الخارجي [1] . ومن هنا لا يفهم شئ من كلمة " هذا " - مثلا - عند إطلاقها مجردة عن أية إشارة خارجية ، وعلى ذلك جرت سيرة أهل المحاورة في مقام التفهيم والتفهم ، وصريح الوجدان ، ومراجعة سائر اللغات أقوى شاهد على ما ذكرناه . ثم لا يخفى أن مثل كلمة " هذا " أو " هو " إنما وضعت لواقع المفرد المذكر ، أعني به : كل مفهوم كلي أو جزئي لا يكون مؤنثا ، لا لمفهومه ، وإلا فلازمه أن يكون لفظ " هذا " مرادفا مع مفهوم المفرد المذكر ، مع أنه خلاف الضرورة والوجدان ، وعلى ذلك فيكون الوضع عاما والموضوع له خاصا ، وقس عليهما غيرهما من أسماء الإشارة والضمائر . الأمر الخامس استعمال اللفظ في المعنى المجازي اختلفوا في أن ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وما يناسب الموضوع له هل هو بالطبع أو بالوضع ، أعني : ترخيص الواضع في الاستعمال لوجود علقة من العلائق ؟ وجهان ، بل قولان : فذهب المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) إلى الأول ، بدعوى : أن ملاك صحة ذلك الاستعمال قبول الطبع له ، وكونه حسنا عند العرف ، فأي استعمال مجازي كان حسنا عندهم وقبله الطبع السليم فهو صحيح وإن فرض أن الواضع لم يأذن فيه ، بل وإن منع عنه ، وكل استعمال لم يقبله الطبع فهو غير صحيح وإن أذن الواضع فيه
[1] في هامش أجود التقريرات : ج 1 ص 13 - 14 : ( فالظاهر أن أسماء الإشارة إنما وضعت للمعاني الواقعة موقع الإشارة الخارجية ، أو أنها موضوعة بإزاء الإشارة الخارجية ، فهي موجدة لها بالجعل والمواضعة ) .