responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث الأصول نویسنده : السيد كاظم الحائري    جلد : 1  صفحه : 80


كان يتشرف بعضهم بخدمة الأستاذ في بيته الواقع في سوق العمارة قريبا من مدرسة السيد البروجردي الصغرى ، في البرهة التي كانوا يحسّون فيها بأن النهار مظلم أمامهم كاللَّيل أو أشد ظلاما ، على أثر طغيان البعث الكافر وعتوّه ، ورغم هذا حينما كانوا يجلسون بحضور الأستاذ في بيته ، ويصغون إلى درر الكلام التي ينثرها عليهم ، كانوا ينسون كل شيء ، غارقين في الالتذاذ بصحبته بما يفوق الوصف ، وكأنهم في دار الخلد .
أمّا الأستاذ فكان يغمر أولئك الصفوة بجنانه ورأفته وعواطفه النّبيلة وحسّه المرهف العظيم ، لم يعرف نظيره من الآباء والأمّهات تجاه أولادهم .
وأكتفي هنا بتسجيل مثال واحد يجسّد لك مدى عواطفه الشفافة الرقيقة تجاه تلاميذه البررة ، ألا وهي الرسالة الصوتية التي أرسلها إلى من هاجر من طلَّابه إلى إيران - وقتئذ - فرارا من البعث الكافر ، وإليكم نصّ الرّسالة :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم « السلام عليكم أيها الأحبّة من أبيكم البعيد عنكم بجسمه ، القريب منكم بقلبه ، الَّذي يعيشكم في أعماق نفسه وفي كلّ ذكرياته ، لأنكم تعبير حيّ حاضر عن تاريخه وماضيه ، وامتداد نابض بواقعه وحاضره ، وأمل كبير لمستقبل هذه الأمّة .
يا صفوة الأحبّة نبلا ووفاء وإخلاصا وحبا ، يا من افتقدتهم أو افتقدت قربهم - على الأصح - وأنا أحوج ما أكون إليهم ، وأشد ما أكون طلبا لعونهم ، يا من بنيتهم ذرّة فذرّة ، وواكبت نموّهم الطَّاهر قطرة فقطرة ، وعشت معهم السّرّاء والضّرّاء واليسر والبلاء ، ولم ينفصلوا عني في أي لحظة من لحظات اللَّيل العبوس ، أو النهار المشرق ، يا من أجدهم رغم ابتعادهم ، وأجدهم في كل ما حولي رغم خلوّ الديار منهم ، وكيف لا أجدكم يا أولادي معي وكل شيء في نفسي أو خارج نفسي يذكَّر بكم ، ويشير إليكم ، وينبّه إلى أيامكم ، وهل هناك أقوى دلالة وأعمق إشارة في هذا المجال من الفراغ الَّذي خلَّفتموه في هذه الرّحاب ، في هذه الديار ، هذا الفراغ الَّذي يصرخ بأسمائكم باستمرار ، لأنه فراغ رهيب عاطفيّا ومنطقيّا ، إنّ بصمات أصابعكم على كل

80

نام کتاب : مباحث الأصول نویسنده : السيد كاظم الحائري    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست