كانت روايات حجية العقل لا تدل على تشريع ذلك فلا محالة لا تدل على حجية العقل الظني . وبتعبير آخر : ان هذه الروايات لم تدل الأعلى إمضاء العقل ، ولا معنى لإمضائه إلَّا الاعتراف بمنجزية ما يراه منجزا ومعذرية ما يراه معذرا ، والمفروض انه لا يرى الظن في ذاته منجزا أو معذرا . فإذا كانت روايات حجية العقل بهذا البيان مختصة بالأحكام القطعية للعقل ، فهي أخص من روايات الردع عن الرأي ، فتقدم عليها بالأخصية . ويرد عليه : ما سيظهر لك من كون النسبة بينهما عموما من وجه لا مطلقا . الثالث : ان يقال إنهما متعارضان بالعموم من وجه ومتساقطان في مادة التعارض ، وهذا هو الحق في مقام العلاج [ 1 ] . وذلك لأنه كما أن أخبار حجية العقل أخص من أخبار الردع عن الرأي لعدم شمولها للحكم العقلي الظني ، كذلك أخبار الردع عن الرأي أخص من ناحية أخرى من أخبار حجية العقل ، لأنها لا تشمل الاحكام البديهية للعقل ، ولا القريبة من المواد البديهية التي لا تحتاج إلى مزيد ترو وتأمل ، وذلك لعدم صدق عنوان الرأي الموجود في الأخبار عليها قطعا ، لأنه ظاهر فيما يحتاج إلى مزيد تروّ وتفكَّر [ 2 ] . وقد ظهر بما ذكرناه : أن النسبة بين الطائفتين عموم من وجه ، سواء سلَّمنا أن الأخبار الرادعة عن الرأي لا تشمل الأحكام العقلية التي