إشكال في إمكانه ثبوتا . وعلى الثاني يقع البحث في أصل إمكانه ثبوتا . وعلى أي حال فلنذكر أو لا البحث الثبوتي على الوجه الثاني ، ثم نعقّب ذلك بالبحث الإثباتي . اما البحث الثبوتي : فقد أفاد الأصوليون في المقام : ان حجية القطع ذاتية ، وكل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، وحجية كل شيء تكون بالقطع ، وحجية القطع تكون بذاته ، فلا يمكن الردع عنها ، فإن ذاتي الشيء لا يمكن انفكاكه عنه . وفرّعوا على ذلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ومعذّرية الشك عقلا ما لم تقم حجة شرعية ، وذلك لعدم وجود ما هو حجة بالذات ، وعدم الانتهاء إليه . ومن هنا وقعوا في حيص وبيص في كيفية تصوير حجية الأمارات بالعرض ورجوعها إلى ما بالذات ، حتى أدى ذلك عند بعضهم إلى القول بجعل العلم والطريقية ، والالتزام بكفاية صرف اعتبار العلم والطريقية في الحجية ، وما إلى ذلك مما أدى إليه هذا المبنى . وقد أوضحنا في أول مباحث القطع : ان ذاتية حجية القطع - بالمعنى الذي تتفرع عليه هذه الأمور - مما لا أساس له ، ويجب البدء في الحساب من مولوية المولى . فلو أنكر أحد - والعياذ باللَّه - مولويته رأسا لم يبق موضوع لبحث حجية القطع بحكمه ، ولو سلَّمت له المولوية بمعنى حق الطاعة والتعظيم الخاص على العباد فلا بد ان ينظر في مقدار سعة هذا الحق وضيقه . فإن حكم العقل العملي باختصاصه بالأحكام المقطوعة ثمّ قبح العقاب عند الشك ، وان حكم بسعة دائرة الحق لفرض الشك لم يبق أساس لقاعدة قبح العقاب بلا بيان . واما مسألة إمكان ردع الشارع عن حجية القطع ، فيمكن دفع هذه الدعوى بوجهين : الوجه الأول : ان يقال إن حق المولوية تنجيزي ، وليس معلقا على