التي يتدخل فيها الأمور الخارجة عن النفس . ومعرفة الضرورة الخلقيّة هي من المعارف النابعة من حاق النفس ، بدليل اتفاق العقلاء عليها . إذ أن اتفاقهم عليها شاهد على كون المنشأ لهذه المعرفة أمرا مشتركا بين الجميع ، إذ لو كان المنشأ لها أمرا غير مشترك بين الجميع لما حصل اتفاق الجميع عليها ، وليس هناك شيء مشترك بين الجميع عدا النفس البشرية ، فتثبت ان هذه المعرفة نابعة من النفس وفطرية للإنسان . ويرد عليه : ان من عاشرناهم ورأيناهم من الناس لم يكن الأمر المشترك بينهم منحصرا في النفس البشرية ، بل هم مشتركون أيضا في تعايشهم في مجتمع إنساني ، ومشاهدتهم لقوانين مقننة في المجتمع ، وتربيتهم في حجر الأب والأم أو المعلَّم ونحو ذلك [ 1 ] . فمن احتمل كون هذه المعرفة مستوحاة من تلك القوانين والمجتمعات والتربية والتعليمات لم يمكن إثبات عدمه له بهذا الوجه ، ومن لا يحتمل ذلك لا يحتاج إلى هذا الوجه . الوجه الثاني : ما ذكره بعض من أنه لو خلق إنسان منفردا ، وعاش منفردا ، ولم يشاهد أيّ مجتمع أو تعليم وتربية ونحو ذلك ، ثم حمل على الأخبار بشيء ما ، ولم توجد له أي فائدة صدفة في الكذب ، فهذا الإنسان سيصدق في إخباره ، وهذا شاهد على أنه يدرك حسن الصدق وقبح الكذب .