وثانيا : أنه لا حاجة لنا في مقام إثبات النبوة إلى الاستدلال بقبح التضليل الذي عرفت عدم تماميته ، بل النبوة تثبت بحساب الاحتمالات ومن دون لجوء إلى قبح التضليل من عدة وجوه : الوجه الأول - دلالة المعجز على ذلك في ذاته وبغض النظر عن قبح التضليل ، وتوضيح ذلك : إن المعجز عبارة عن خرق نواميس الطبيعة وقوانينها ، فأولا نثبت بالتجربة وحساب الاحتمالات أن شيئا ما من قوانين عالم الطبيعة ، فمثلا قد دلّ حساب الاحتمالات على أن سكوت الحصى ليس من باب الصدفة كسكوت الإنسان أحيانا ، بل هو بمقتضى قوانين الطبيعة ، فتسبيح الحصى خرق لقوانين الطبيعة ويكون بالتدخل من وراء عالم الطبيعة ، إذن فهذا دليل على أن صاحب الإعجاز ارتبط بما وراء عالم الطبيعة وبخالق الطبيعة للتوصل إلى الإعجاز ، وأن بارئ الطبيعة قد فتح بابا مباشرا لنفسه على صاحب المعجز حول ما ادّعاه ، وبعد ذلك نقول : إننا لا نحتمل كذب أو اشتباه هذا الذي انفتح أمامه هذا الباب حول مدعاه في دعواه [ 1 ] وبهذا تثبت صحة دعواه .