مع المنكرين على مستوى النقض هذا ، وقد أورد نقضان على من ينكر الحسن والقبح إنكارا ( أشعريا ) أو ( أخباريا ) ، ولو تم النقضان فهما واردان على فلاسفة المسلمين أيضا ، حيث أن كلامهم - كما سيأتي - [ 1 ] لا يرجع بعد التحليل إلى محصّل سوى ما مضى من كون الحسن والقبيح هو ما حسّنه أو قبحه القانون ، ولا فرق بين هذا وقول الأشاعرة سوى أن الأشاعرة - بما هم متدينون - أضافوا الحسن والقبح إلى قانون الشرع ، والفلاسفة أضافوهما إلى مطلق القانون : النقض الأول - حكم العقل العملي الواقع في طول الكتاب والسنة ، كوجوب المعرفة ، ووجوب الطاعة ، وحرمة المعصية ، إذ مع إنكار العقل العملي لا يبقى ملزم لتحصيل المعرفة ولا للطاعة وترك المعصية ، وفرض إيجاب الشارع لهذه الأمور غير مفيد ، أما بالنسبة لوجوب المعرفة فواضح إذ المفروض أنه لم يثبت بعد وجود الشارع كي يتمسك بحكمه ، وأما بالنسبة لوجوب الطاعة وحرمة المعصية فلانه لو لم يكن ذلك مدركا بالعقل وأريد تثبيته بحكم الشرع نقلنا الكلام إلى إطاعة هذا الحكم ، وهكذا إلى أن يتسلسل أو يدور . والنقض الثاني - حكم العقل العملي الواقع في الرتبة السابقة على الكتاب والسنة ، وهو حكمه بقبح إجراء المعجز على يد من يدّعي النبوة كذبا لكونه إضلالا ، فإنه بناء على إنكار ذلك لا يبقى مدرك لإثبات النبوة .