والصحيح أنّ بيان المنافاة على هذا الوجه أيضا غير تام ، وذلك لأنّ الوصول الَّذي هو موضوع التّنجيز لم يتمّ إلَّا بقدر الجامع . وتوضيح ذلك : أنّ هناك كلاما في أنّ العلم في موارد العلم الإجماليّ هل هو متعلَّق بالواقع على قدره الحقيقي أعني الفرد ، أو بالجامع ؟ . فإن قلنا بالأوّل كما عليه المحقق العراقي ( رحمه اللَّه ) ( وقد تفرّع عليه علَّيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة ) صحّ القول في المقام بالمنافاة بين جريان الأصول ووجوب الالتزام ، إذ الأصول تنفي وجوب الالتزام بكل واحد من الأفراد ، وبالتالي تنفي وجوب الالتزام بذاك الفرد المعلوم بالإجمال ، ولكن المختار لنا في باب العلم الإجمالي هو تعلق العلم بالجامع ، فالوصول إنّما تمّ بهذا المقدار ، والأصول العمليّة حينما تؤدّي إلى الترخيص في ترك الحكم الإلزامي قد يقال بتساقطها لأجل أنّ جريان بعضها دون بعض ترجيح بلا مرجّح ، وجريانها في الجميع ترخيص في ترك الجامع ، لأنّ ترك تمام الأفراد يساوق ترك الجامع . وهذا البيان كما ترى لا يأتي في طرف الالتزام ، فلو لم تلزم من الأصول مخالفة عمليّة فلا بأس بإجرائها في تمام الأطراف ، فإنّ غاية ما يستلزم جريانها هو الترخيص في ترك الموافقة الالتزاميّة لكل طرف من الأطراف ، والوصول لم يتمّ إلَّا بقدر الجامع ، وترك الالتزام بالأطراف لا يساوق ترك الالتزام بالجامع . وبتعبير آخر إنّ الواجب هو الالتزام بالجامع فحسب ، وجريان الأصل في تمام الأطراف لا يوجب الترخيص في ترك الالتزام بالجامع إلَّا بأحد وجوه ثلاثة :