معنى تصور التنافي بين التزامين بشيئين غير متنافيين ؟ [ 1 ] . فالَّذي ينبغي أن يفترض في مقام تصوير المانعيّة ويجعل مصبّا للبحث إثباتا ونفيا إنّما هو القول بأنّ جريان الأصل في الأطراف يستلزم التّرخيص في المخالفة الالتزاميّة . فلنفحص عن حال هذا التّصوير للمانعيّة بناء على كل واحد من الوجوه الخمسة الماضية لفرضيّة وجوب الموافقة الالتزاميّة : أما على الوجه الأوّل - وهو كون وجوب الالتزام وجوبا عقليّا منفصلا عن مسألة التنجّز والامتثال إطلاقا - فمن الواضح أنّ دليل الأصل إنّما يؤدّي إلى نفي التنجيز وضرورة الامتثال ، والمفروض أنّ هذا حكم عقليّ آخر أجنبيّ عن ذاك . نعم لو كان هذا أثرا شرعيّا للتكليف لأمكن أن يقال : إنّ الأصل النّافي للتكليف بناء على تنزيليّته ينفي هذا الأثر ( ونقصد بالتّنزيليّة هنا كون الأصل ناظرا إلى تمام الآثار ، لا ما وقع عليه الاصطلاح عند المشهور من لحاظ نوع للكشف فيه ) ولكنّ المفروض أنّ هذا أثر عقليّ بحت والأصل التّنزيليّ إنّما يثبت أو ينفي الآثار الشرعيّة . وأمّا على الوجه الثّاني - وهو كون الالتزام حكما عقليا أخذ في موضوعه التنجّز ووجوب الامتثال - فمن الواضح أيضا أنّ هذا لا يصلح مانعا عن جريان الأصول الَّتي هي جارية لولاه ، فإن المفروض انتفاء أيّ تنجيز أو وجوب امتثال في الرّتبة السّابقة على وجوب الالتزام ، إذن لا موضوع لوجوب الالتزام . وأمّا على الوجه الثالث - وهو كون وجوب الالتزام شقّا من شقّي