المحتمل أن يكون المراد بهذا الحديث : نعم هذا مصدر العلم وممّن يؤخذ منه . وعلى أيّ حال ، فهذه الطائفة الثالثة يمكن أن يقال بظهورها في جعل الحكم التكليفي . ويمكن أن يقال بأنّها ليست ظاهرة في لسان خاص من ألسنة جعل الحجّيّة ، وذلك لاحتمال كونها إرشادا إلى أهمّيّة الحكم عند المولى بحيث لا يرضى بتركه عند الشكّ على فرض وجوده في الواقع ، لا بيانا لحكم تكليفيّ خاصّ ، ولذا وردت بألسنة مختلفة كالأمر بالأخذ ، وعدم جواز الردّ ، وعدم العذر في التشكيك . والخلاصة : أنّ احتمال الإرشاد إلى أهمّيّة الحكم يضرّ بظهور الكلام في كون لسان النص هو لسان جعل الحكم . نعم لو كان لسان النص عبارة عن جعل العلم والطريقية فهذا ظاهر في حكايته عن لسان الجعل ، ولا يرد عليه ما ذكرناه من احتمال الإرشاد إلى أهمّيّة الحكم . والفرق بين اللسانين : أنّ ورود الإرشاد بلسان الأمر والنهي كثير جدّا ، بخلاف لسان جعل العلم والطريقيّة ، فإذا ورد هذا اللسان فكونه من باب الإرشاد بعيد جدا وظاهره الاشتمال على نكتة زائدة وكون المقصود حقيقة هو جعل العلم والطريقيّة اعتبارا . وعلى أيّ حال ، فهذه الأخبار لا تدلّ على مدّعي المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) من جعل الطريقيّة ، بل إمّا تدلّ على جعل الحكم التكليفي ، أو لا تدلّ على لسان خاص أصلا . وقد تلخّص من تمام ما ذكرناه أنّ مبنى المحقّق النّائيني ( رحمه اللَّه ) من جعل الطريقيّة الذي فرّع عليه أمورا كثيرة من : تقديم الأمارات على الأصول ، وقيام الأمارة مقام كلا قسمي القطع ، وغير ذلك ، مما لا أساس له ولم يدلّ عليه دليل أصلا .