الثّاني : ما دلّ مباشرة على الحجّيّة ، لكنّه من حيث لسان جعل الحجّيّة مجمل ، فلا يدلّ على أحد الألسنة بالخصوص من جعل الطريقيّة أو غيره ، وذلك مثل قوله ( عليه السّلام ) : ( نعم ) في جواب قول السائل : يونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني ؟ . فإنّ هذا إنّما يدلّ على أن يونس بن عبد الرحمن ممن يؤخذ عنه معالم الدين أمّا أنّ هذا هل هو من باب الحكم التكليفي بوجوب الأخذ مثلا أو من باب جعله طريقا أو غير ذلك ؟ فغير معلوم . الثالث : ما يمكن دعوى ظهوره في جعل الحكم التكليفي ، وذلك كالأخبار الواردة في الأمر بالأخذ بقول الثقة ، والنهي عن ردّه ، والردع عن التشكيك فيه ، ونحو ذلك . كقوله ( عليه السّلام ) في كتب بني فضّال : خذوا بما رووا وذروا ما رأوا ، وقوله ( عليه السّلام ) : أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر فلا يجوز لك أن تردّه ، وقوله ( عليه السّلام ) : فإنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك عمّا يروي عنّا ثقاتنا قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم سرّنا ونحملهم إياه إليهم . إذ ليس المراد الأخذ وعدم الردّ وعدم التشكيك بحسب الاعتقاد ، وإنّما المراد الأخذ وعدم الردّ وعدم التشكيك بحسب الجري العملي ، والوجه في ذلك أنّ الأخذ الاعتقادي وعدم الردّ والتشكيك الاعتقادي ليس تحت اختيار العبد ، وإنّما الذي تحت اختياره هو الجري العملي . وأمّا جعل الطريقيّة والاعتقاد تعبدا فهو فعل المولى لا فعل العبد كي يؤمر به . ولا تقاس الطائفة الثانية بهذه الطائفة ، فإنّ قوله فيما مضى من الحديث : ( نعم ) لا ينحصر أمره في معنى : ( خذ معالم دينك من يونس ) كي يدخل في الطائفة الثالثة ويقال أيضا : أنّ الأخذ الاعتقادي خارج عن القدرة وإنّما المقدور الأخذ العملي ، وجعل الطريقيّة فعل المولى لا فعل العبد ، فهذا حكم تكليفي بالجري العملي . وذلك لأنّ من