responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث الأصول نویسنده : السيد كاظم الحائري    جلد : 1  صفحه : 38


» شاءت الصدف أن أتخذ لي مكانا إلى جانبه في أحد المجالس التأبينيّة التي أقيمت تخليدا لذكرى الشهيد الصدر . وفي التفاتة منّي إليه غير مقصودة وجدت عليه أمارات الألم والحزن الشديدين ، أمارات لم أجدها ترتسم على وجوه الآخرين بل لا أغالي إذا قلت : كانت عليه سيماء الثكل ولم ينتبه إلى التفاتتي ، فقد كان ساهيا منصرفا عن كل ما هو حوله ومثبتا عينيه على صورة للشهيد الصدر كانت معلَّقة أمامه ، وهو يصدر الآهة إثر الآهة ، ويجذب الحسرة تلو الحسرة ، وبين كل لحظة وأخرى تنحدر من عينيه دمعتان كان يكفكفهما بمنديل يحمله بيده ، كان يبكي ويتألَّم بصمت . وقد لفت نظري كثيرا رغم أنّ كلّ من كانوا في الحفل أغرقتهم فاجعة الذكرى بآلامها وأشجانها وربما علا صوت نحيب من هنا أو هناك لبيت شعر من قصيدة شاعر ، أو لعبارة من كلمة خطيب تثير في النفوس شجاها وتحرّك عواطفها وأحاسيسها إلَّا هذا ، فما سمعت منه إلَّا الآهات والتنهدات والأنّات الخفيّة .
إن كلّ الذين كانوا في الحفل أو جلَّهم يعرفون الصدر إمّا عن كثب أو من خلال جهاده في سبيل إعلاء كلمة الحق ، اذن لا بدّ أن يكون لهذا شأن آخر ، هكذا قدّرت وقد أصاب تقديري فسألته وقطعت عليه وجومه وشرود فكره ، وقد جاء سؤالي كمتنفّس له وداع إلى بثّ ما في جنبيه من ألم دفين وحزن كمين ، ويبدو أنّه عرفني واطمأنّ اليّ ، فراح يحدّثني وبنبرات تقطَّعها الآهات والحسرات .
قال بعد تنهدة عميقة : إنّ علاقتي بالفقيد علاقة الأخ الكبير بأخيه الصغير الوحيد كان ذلك في السنوات الأخيرة من الأربعينات يوم كان طالبا في المراحل الأولى من الدراسة الابتدائية ، وكنت معلَّما في المدرسة التي كان يتعلَّم بها وهي مدرسة منتدى النشر الدينيّة الابتدائية في الكاظميّة ، وقد رأيت أنّ هذا التلميذ يوليه المدير عناية خاصة ويرعاه رعاية يشوبها الاحترام والتقدير ، فعبجت في بادئ الأمر لذلك ، وأخيرا اتضح لي بأنّ هذه العناية لم يكن مبعثها لأنّه ينتمي لعائلة كريمة الحسب عرف كثير من أفرادها واشتهروا بالعلم والتقى والورع ، أو لأنه يتيم فقد أباه وهو بعد صغير لم يبلغ الحلم . ولكنّ

38

نام کتاب : مباحث الأصول نویسنده : السيد كاظم الحائري    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست