مورد الحديث قلنا - بغضّ النّظر عما عرفت من أن ما في الحديث هو العقاب على محاولة القتل لا على قصده - : إنّ مورد الحديث هو مقارنة القصد لفعل حرام واقعي وهو الالتقاء بالسيف وإبرازه به ، لا إبرازه بفعل غير محرّم في نفسه ، فالحديث ليس نصّا بمورده في القصد المبرز بفعل غير محرّم ، ويقبل التخصيص بخصوص القصد المبرز بفعل محرّم . نعم لكل من الطائفتين قدر متيقن من الخارج فالقدر المتيقن من الطائفة الأولى فرض الإبراز ، والقدر المتيقن من الطائفة الثانية فرض عدم الإبراز ، لكن وجود القدر المتيقن من الخارج لا يكفي للجمع . ثم إنّ غالب الأخبار من كل من الطائفتين لا يدل على المدعى ، وفي البحث عن ذلك طول وخروج عما يناسب المقام ، فلنتكلم على فرض تسليم وجود ما تتمّ دلالته في كل من الطائفتين ، فنقول : إن التحقيق في مقام الجمع حمل الطائفة الأولى على استحقاق العقاب والثانية على نفي فعليته ، لنصوصية كل منهما فيما حملناها عليه ، فنص كل منهما قرينة لصرف الأخرى عن ظاهرها ، ونحن لم نقبل مثل هذا الجمع بين لسان الأمر ولسان النهي بنفي الوجوب بالثاني ونفي الحرمة بالأول ، لأن الوجوب وجواز الفعل وكذلك الحرمة وجواز الترك جزء ان تحليليّان لمفاد الأمر والنهي ، فلم يكن العرف مساعدا على هذا الجمع ، وهذا بخلاف ما نحن فيه . هذا بغضّ النّظر عن أن الطائفة الأولى لو دلَّت على العقاب فجلَّها أو كلها لا تدلّ بذاتها على أكثر من استحقاق العقاب كقوله : « نية الكافر شرّ من عمله » وقوله : « للداخل إثمان : إثم الدخول وإثم الرّضا » وأنّ الطائفة الثانية لو دلت على نفي العقاب فجلَّها أو كلَّها لا تدلّ بذاتها على أكثر من نفي فعليّة العقاب ، كما ورد من أن اللَّه تعالى جعل لآدم عليه السّلام أن لا يكتب على ولده ما نووا ما لم يفعلوه . بل نقول في هذا الحديث : إنه لو كان عدم العقاب