للعقاب . فظهر أن هذا الدليل - أيضا - غير تام ، فلا دليل - إذن - على حرمة التجري أصلا . ( بقي هنا شيء ) وهو أنه توجد في قبال الأخبار المدّعى دلالتها على العقاب أخبار أخرى تدّعى دلالتها على نفي العقاب ، وهاتان الطائفتان اُدّعي في بعض حواشي الرسائل [1] إمكان تواترهما ، وقد وقع الكلام في وجه الجمع بينهما ، فقد جمع في ( الدّراسات ) بينهما بحمل الطائفة الأولى على قصد المعصية المبرز في الخارج بفعل من الأفعال بدون أن يرتدع العبد عن ذلك في الأثناء باختياره ، وحمل الطائفة الثّانية على القصد الَّذي ليس كذلك بقرينة النّبوي : « إذ التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ، قيل : يا رسول اللَّه ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال لأنه أراد قتل صاحبه » بتقريب : أن هذا نص في فرض الإبراز مع عدم الارتداع باختياره ، فتخصص به الطائفة الثانية ، فتنقلب النسبة بين الطائفتين إلى العموم المطلق ، وتخصص الأولى بالثانية . ويرد عليه - بغض النّظر عن بطلان انقلاب النّسبة - : أن افتراض كون هذا الحديث نصّا في القصد المبرز بالفعل إن كان بلحاظ التعليل فالتعليل الوارد في الحديث إنما هو تعليل بإرادة القتل ، والمراد منها إمّا قصد القتل أو محاولة القتل بالالتقاء بالسّيف ونحوه ، فعلى الأول لا توجد في التعليل دلالة على فرض الإبراز ، وعلى الثاني - وهو الظاهر عرفا من مثل هذا الكلام - يكون التعليل تعليلا بفعل حرام واقعي ، وذلك لأن محاولة القتل بمثل الالتقاء بالسيف بنفسها حرام مستقل ومعصية للَّه بغضّ النّظر عن حرمة القتل ، وذلك كحرمة سبّ المؤمن . وإن كان افتراض نصوصية الحديث في القصد المبرز بالفعل بلحاظ
[1] بحر الفوائد في شرح الفرائد للمحقّق الآشتياني ص 26 . .