متعمّدا يلزم أن يكون تارك الصلاة عمدا في الوقت عاصيا لحكمين دائما : أحدهما وجوب الإتيان بها في الوقت ، والثّاني وجوب مستقل عن الوجوب الأوّل يستلزم عصيان الأول عصيانه دائما ، وهذا أيضا غير محتمل فقهيّا . وأما من حيث الإثبات فدلالة الحديث على الوجوب المستقل للبدار عند خوف الفوات ممنوعة لوجهين : الأوّل - إن المفهوم من السياق الكامل للحديث سؤالا وجوابا هو أن الإتيان بالصلاة بعد أن ذكرها قبيل غروب الشمس كان مفروغا عنه ، وإنّما الكلام في أنّ أيّهما تقدّم هل صلاة الظهر أو صلاة العصر ؟ فبيّن الإمام عليه السّلام أن الترتيب السابق قد سقط وأنه يقدّم العصر على الظهر ، فلو فرض دلالة الرواية على أمر نفسي فإنّما تدل على الأمر النفسي بتقديم العصر على الظهر ، لا بالبدار . الثّاني - إن ما ورد في الحديث من التعليل بقوله : ( فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعا ) كالصّريح في أنّ سقوط الترتيب وتقديم العصر يكون لأجل التحفّظ على الحكم الأوّل وعدم فوات كلتا الصلاتين ، لا أنه حكم نفسيّ جديد . وكان الأولى به أن يستدلّ على مقصوده بذيل الرواية وهو قوله : ( ثم ليصلّ الأولى بعد ذلك على أثرها ) حيث أن هذا أمر بالبدار عند خوف الفوت ، وإن كان يرد - أيضا - على الاستدلال بذلك : أنه لا يتعيّن كونه أمرا بالبدار على نحو وجوب مستقل ، بل يحتمل أن يكون بملاك التحفّظ على الواقع الأوّلي وهو إيقاع الصلاة في الوقت ، بل هو الظَّاهر منه . وأما المسألة الثّانية - وهي السفر المظنون الضّرر فتحقيق الكلام في ذلك : أن الضّرر المترقب في السفر على ثلاثة أقسام : الأوّل - أن يكون ضررا تافها لا يحرم اقتحامه ، وفي هذا الفرض : لا إشكال في إباحة السفر وكون الصلاة قصرا . الثّاني - أن يكون الضّرر بالغا مرتبة الحرمة وعندئذ فإن لم نقل بأن الظن