عنوان المصادفة للواقع ، أي : إن هذا العنوان من نتيجة قضيّة : « أن هذا الشرب شرب للخمر واقعا » والمصادفة خارجة عن تحت القدرة لخروج الخطأ عنها ، وإلَّا لما أخطأ أحد ، وما يكون منطويا على أمر خارج عن تحت القدرة لا يمكن أن يتعلق به الحكم ، لأن الحكم به لا يخلو عن شوب التكليف بغير المقدور ، فلا بدّ من صرف الحكم إلى عنوان آخر لا ينطوي على المصادفة ، وهو عنوان شرب معلوم الخمريّة . وللمحقّق النّائيني - قدّس سرّه - كلام طويل في بيان دليل شمول إطلاقات الأدلة الأولية للفعل المتجرّى به ، وهو على ما في أجود التّقريرات عبارة عن مقدمات ثلاث ، ونحن نذكرها هنا بتلخيص : المقدمة الأولى - إن موضوعات الأحكام لا بدّ أن تكون مفروضة الوجود خارجا في الرتبة السابقة كي يحكم عليها بحكم . المقدمة الثّانية - إن المحرك للمكلف نحو الاختيار والإرادة هو العلم لا الواقع . وذكر ( قدّس سرّه ) في وجه دخل هذه المقدمة في المطلوب : أنه لو كان المحرك هو الواقع ، ففي فرض التجري لا يوجد محرّك في الحقيقة ، لعدم الواقع ، ولكن بما أن المحرّك هو العلم ، كان المحرّك موجودا لوجود العلم . وأجاب على هذه المقدمة : أوّلا بمنع كون العلم هو المحرّك ، بل المحرّك هو الواقع بعد انكشافه بالعلم ، لأن العلم إنما يكون دخيلا في موضوع المحرّكية والاختيار بما هو كاشف لا بما هو صفة ، فلا محيص عن دخل المعلوم . وثانيا بأننا بعد التسليم نقول : إن العلم هو الداعي لإرادة ذاك الواقع والحركة نحوه ولا يتقيد متعلَّقها به . المقدمة الثّالثة - إن حكم المولى يكون لأجل تحريك العبد نحو الاختيار والإرادة ، فهو في الحقيقة متعلق بالاختيار بالمعنى الاسمي ، والمتحصّل من هذه المقدمات : أن الحكم في مثل ( لا تشرب الخمر ) متعلق باختيار شرب