الرّدع رافعا لموضوع حكم العقل ، أو هي الحجّيّة التّنجيزية ؟ . فعلى الأوّل يصح الرّدع ، وعلى الثّاني لا يصح الرّدع ، وتعيين أحد الاحتمالين موكول إلى الوجدان ولا برهان عليه . وأما توضيحه على حد مصطلحاتنا فهو : أن فرض مولويّة المولى هو فرض وجوب طاعته ، فالرّدع عن ذلك ردع عن مولويّة المولى ، وذلك مستحيل . وهنا - أيضا - نقول : إنّ صرف كون المولويّة عبارة عن استحقاق الطاعة لا يكفي لاثبات عدم صحّة الرّدع ، بل يجب أن يرى أنّ جوهر المولويّة هل هو عبارة عن حقّ الطاعة التّنجيزي أو عبارة عن حقّ الطاعة المعلَّق على عدم إسقاطه ؟ فعلى الأوّل لا يقبل حقّ الطَّاعة الإسقاط ، وعلى الثّاني يقبل الإسقاط ، بدون أن يستلزم ذلك إسقاط المولى نفسه عن المولويّة ، كي يقال : إنّ هذا مستحيل . وتعيين أحد الاحتمالين هنا - أيضا - موكول إلى الوجدان ولا برهان عليه . وأما الوجه الثّالث - وهو كون إسقاط حجّيّة القطع نقضا للغرض ، فإن أريد بالغرض الملاك الموجود في المتعلق ، رجع ذلك إلى الشّقّ الأوّل من الوجه الأوّل وهو التضاد بحسب عالم المبادئ ، وإن أريد به الداعي إلى الجعل حيث يقال : إنّ المولى لو أراد الرّدع عن حجّيّة القطع بما أمر به فما الَّذي دعاه إلى أصل الجعل ؟ قلنا : إن الداعي إلى أصل الجعل إنّما هو المحرّكية التي يقتضيه العقل فيضيق ويتّسع بضيق تلك المحرّكية العقلية وسعتها ، فلو فرضنا ان تلك المحرّكية تعليقية لم تكن مضادة بين الداعي إلى الجعل والرّدع عن الحجّيّة ، فلم يكن ذلك نقضا للغرض ، فلم يصح هذا الوجه على فرض تعليقية التحريك العقلي ، كما لم يصح الوجه الثّاني على هذا الفرض ، أي إن الوجهين متلازمان صحّة وبطلانا . أما أن الصحيح هل هو تعليقيّة التحريك أو تنجيزيته ؟ فقد مضى أن تعيين أحد الاحتمالين موكول إلى الوجدان ولا برهان عليه .