الثّالثة بعد الظَّهر لنقتل هؤلاء المجرمين - الأمن - الذين يحتجزونك « . بعض هؤلاء الأشخاص الموقّعين على الرّسالة كنت أعرفهم معرفة إجمالية ، فلمّا سألني السّيد - ره - عنهم أخبرته بوضعهم ، فشككنا أن تكون هذه محاولة من السّلطة للتعرّف إن كان هناك صلة للسيّد - ره - بالخارج أو لا ، ولكن كان المحكّ ما في الرسالة من وعد لقتل أفراد الأمن غدا بعد الظَّهر . وقبل الموعد بربع ساعة تقريبا صعدت مع السّيد إلى الغرفة المطلّ شباكها على الزّقاق الذي تتواجد فيه قوّات الأمن ، وبقينا ننتظر . في الوقت المحدّد رأينا ثلاثة أشخاص ، ملثّمين اقتحموا هذه المجموعة ، وثلاثة آخرين اقتحموا المجموعة الأخرى من الجانب الآخر ، وبدؤا معركة فريدة ، سقط فيها عدد من أفراد الأمن جرحى ، ولعل بعضهم قد مات فيما بعد ، ثم لاذوا بالفرار ولم يتمكَّنوا من القبض عليهم . السّيد الشّهيد استأنس لمّا رأى ذلك وقال : » الإسلام يحنّ حتى إلى هؤلاء « . وكان - ره - يعتقد أنّ دمه الزّكي لو أريق فإنه سوف يحرّك حتى هذه الطَّبقة من النّاس فضلا عن الواعين والمؤمنين . موقف آخر : كان بعض المؤمنين يرسلون إلى السيد في فترة الاحتجاز بعض المبالغ ، فكان - ره - يرفض استلامها رغم حاجته إليها ، فقلت له في مرّة من المرّات : سيّدنا لما ذا ترفض المال ونحن في الحجز وهذا الحجز قد يطول ؟ فقال لي : إن والدي السيد حيدر رحمه اللَّه ( وكان والده من علماء مدينة الكاظمية ) في اللَّيلة الَّتي توفي فيها ، ما ترك لنا ما نقتات به ، فبقيت تلك اللَّيلة - مع والدتي وأخي المرحوم السيد إسماعيل وأختي آمنة - من دون طعام العشاء ، إذ لم يكن عندنا ما نشتري به شيئا نأكله ، وأنا الآن ليس بيني وبين أن ألقى ربّي إلَّا أن يأتي هؤلاء الظَّلمة ويقتلوني وأنتقل إلى جواز أجدادي الطَّاهرين ، فلمن أدّخر المال ؟ . هذه هي عاطفة السّيد - أيّها الإخوة - الَّتي أساسها الدّافع الإلهيّ ، والتّقرّب إليه والسّعي إلى رضاه .