فكان من الصّعب على السّلطة أن تغضّ النّظر عن ذلك ، فالتغاضي سيشجع المؤمنين على أعمال أكثر جرأة وشجاعة ، ومن جانب فإن تهديد السيد الصدر لهم بإغلاق داره يشكَّل خطورة أخرى أعظم من سابقتها ، خاصة وإن الأمور لا زالت غامضة ومجهولة عن حجم التحرك الثوري في رجب ، لذلك كان جواب مدير الأمن العام إيجابيا ، فقد اتّصل هاتفيا وأبلغ السيد الشهيد : بأن ( القيادة ) قررّت الإفراج عن جميع المعتقلين . اما الواقع فلم يكن كذلك : فالذي ظهر فيما بعد هو ان السلطة العفلقية أرادت أن تناور كعادتها ، ففي الوقت الذي ( تقنع ) السيد الصدر بالعودة إلى حياته الطبيعية تقوم بالإفراج - عن بعض المعتقلين ممن اعتقلوا لمجرد الظن والتهمة ، أو ممن ليست لهم علاقة بالتظاهرة الاحتجاجية ، تحاشيا من نقمة جماهيرية أخرى ، بينما تستمرّ السّلطة في الوقت نفسه باعتقال آخرين ، وبدأت الأخبار تتواتر عن عمليات اعتقال مكثفة لأعداد كبيرة من المؤمنين ، ومن وكلاء السيد الشهيد ، والعلماء الذين ساهموا أو اشتركوا في الوفود ، وفي مقدمة هؤلاء : سماحة الحجة السيد قاسم شبر ( رحمه اللَّه ) وحجج الإسلام : الشّيخ عفيف النابلسي ، والشّيخ حسن عبد السّاتر ، والسيّد المبرقع ، وغيرهم ، حيث كانت السّلطة قد رصدتهم وسجّلت أسماءهم في نقاط التفتيش بواسطة العملاء المحلَّيين في مناطقهم . أحسّت السلطة بأنّ لعبتها انكشفت ، ولم يقع السيد الصدر تحت تأثير الوعود ، فقرّر إغلاق الباب احتجاجا على السلطة . إضافة إلى ذلك فإن السلطة أو عزت إلى قواتها باعتقال كل داخل وخارج من وإلى منزل السيد الشهيد ، ومراقبة منزله والأزقة المحيطة والقريبة منه ، مراقبة دقيقة ومستمرة ليلا ونهارا . هذا الإجراء كشف عن جانب من مخطط السلطة ، فهي تنتظر اللحظة المناسبة للقضاء على الثورة وتصفية مفجرها السيد الصدر ، فقرّر ( رحمه اللَّه ) الاحتجاج على ذلك بالاعتصام وعدم العودة إلى الحياة الطبيعية ، ليعلم الشعب أنّ المواجهة مستمرة بين المرجعيّة والسّلطة الحاكمة .