قاعدة الملازمة ، وأما استحالة صدور القبيح من الحكيم فليس هنا محل بحثها . الحسن والقبح العقليّان : أما الجهة الأولى - فالقدر المتيقن من كلمات المحدثين هو إنكار الحسن والقبح العقليين بمعنى إنكار الاعتماد في ذلك على دركنا لها بعقولنا القاصرة ، دون إنكار أصل الحسن والقبح . لكن الأصوليين - إلَّا من شذّ - ذهبوا إلى التصديق بأصل الحسن والقبح العقليين وإلى صحة الاعتماد على العقل في إدراكنا لهما ، وهناك قول ثالث ذهبت إليه الأشاعرة وهو إنكار أصل الحسن والقبح الواقعيين ، وقالوا : ان الحسن ما حسّنه الشارع والقبيح ما قبّحه الشارع ، ومقصودنا من نسبة ذلك إلى الأشاعرة نسبته إليهم بنحو الموجبة الجزئية ( وكذلك في سائر الموارد عندما ننسب شيئا إلى طائفة ، كي لا ينافي ذلك لافتراض مخالفة جملة منهم لذاك الرأي ) . وقد ينسب إلى فلاسفة المسلمين القول بما يكون وسطا بين قول الأشاعرة وقول الأخباريين ، وهو القول بأن الحسن ما حسنة القانون والقبيح ما قبحه القانون ، وذلك يختلف باختلاف المجتمعات والموالي والعبيد . وقد تسرب النزاع في الحسن والقبح العقليين إلى غير المسلمين ، فذهب رجال الدين المسيحيون إلى أن الحسن والقبيح ما حسّنه الشارع أو قبّحه ، وذهب فلاسفتهم إلى ثبوت الحسن والقبح في الواقع والاعتماد على إدراك العقل لهما .