إثبات الحرمة بقاعدة الملازمة : الدليل الثّاني : قاعدة الملازمة بين حكم العقل بالقبح وحكم الشرع بالحرمة ، وهذه القاعدة تدل على حرمة الفعل المتجرّى به بعد تسليم حكم العقل بقبحه . وسيأتي بحث حكم العقل بقبح الفعل المتجرّى به في المقام الثاني - إنشاء اللَّه - كما أن بحث الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع - أيضا - يأتي في محلَّه - إنشاء اللَّه - . أمّا ما نبحثه هنا فهو أنه على تقدير تسليم الصغرى وهي قبح الفعل المتجرّى به والكبرى وهي قاعدة الملازمة هل نستنتج حرمة الفعل المتجرّى به أولا ؟ والوجه في الحاجة إلى هذا البحث هو : إنه لا إشكال في أنّ تطبيق قاعدة الملازمة لإثبات حكم الشرع مشروط بقابلية المورد للحكم الشرعي وعدم وجود مانع عنه ، فيقع الكلام هنا في تحقيق هذا الشرط وعدمه ، والصحيح عدم وجود مانع عن ثبوت الحكم الشرعي في المقام وما يتخيل كونه مانعا عن ذلك وجوه : الوجه الأوّل - ما أفاده المحقّق النائيني - رحمه اللَّه - وهو : إنه لو استكشف خطاب شرعي لحرمة التجرّي فلا يخلو أمر هذا الخطاب عن فروض ثلاثة : الأوّل - أن نفترض أنّ هذا الخطاب هو نفس الخطاب الأوّلي ، فهو يشمل في وقت واحد شرب الخمر الواقعي - مثلا - والفعل المتجرّى به معا . والثّاني - أن نفرضه خطابا مستقلا متعلقا بخصوص الفعل المتجرّى به . والثّالث - أن نفرض خطابا مستقلا متعلقا بمطلق شرب معلوم الخمرية - مثلا - سواء صادف الواقع أولا . والفروض الثلاثة كلها باطلة . أما الفرض الأوّل - وهو شمول الخطاب الأوّلي للواقع وللفعل المتجرّى به