الشهيدة تثير الجماهير : عادت الشهيدة إلى المنزل ، ولكن لتبدأ صفحة أخرى من جهادها العظيم ، إذ أنها لم تكتف بموقفها الشجاع الأول ، وبقيت تفكر فيما يجب أن تفعله في هذه الساعات الحرجة والحاسمة ، وكأنها تقول أنا ابنة عليّ ( ع ) لن أسكت ، ولن أصبر على الضيم . لقد رأيتها تمشي وتتكلَّم ، ولكنها كانت تعيش بروحها في عالم آخر ، تفكر في الخطوة القادمة والحلقة الأخرى ، واستطاعت أن تهز المشاعر ، وتثير في نفوس المؤمنين العزم والتصميم على التحرك وفعل كل شيء ثأرا للمرجع المظلوم شهيد السجون السيد الصدر ( رحمه اللَّه ) ، فكانت التظاهرة الاحتجاجيّة العظيمة التي أرعبت حكام بغداد الخونة وجعلتهم في مأزق صعب ، اضطرهم إلى الإفراج عن السيد الشهيد ( رحمه اللَّه ) . ولكن كيف بدأت هذه الخطوة ؟ وكيف استطاعت شهيدتنا العظيمة ان تنجح في الإعداد لتظاهرة في يوم وساعة وظرف تكاد تكون فيه مثل هذه الأعمال مستحيلة ، بسبب الوضع الأمني الخانق والطوق الإرهابي المفروض على شعبنا ؟ . حين اعتقل شهيدنا العظيم في ساعة مبكَّرة كان النّاس نياما ، والشوارع خالية ولم يشهد حادث الاعتقال إلَّا نفر يسير ممن تواجد صدفة في ذلك الوقت . مع ذلك فكَّرت شهيدتنا العظيمة بالذهاب إلى الحرم العلوي الطاهر ، لأعلام الناس بالحادث ، ولكنها لم تجد العدد المطلوب فذهبت ثانية بعد أن أشرقت الشمس واستيقظ الناس ، وهناك عند جدّها أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) علا صوتها الزينبي وبدأت تخاطب جدّها ، كما فعلت زينب ( عليها السلام ) بعد قتل أخيها الحسين بعبارات مؤثرة ، وكلمات من قلب صادق . واستطاعت أن تحشّد النّاس ، وتثير في نفوسهم الغيرة للانتقام من معتقلي المرجع المظلوم .