قرار المواجهة المباشرة : قرّر السيد الشهيد أن يتعامل مع المسؤولين بمستوى جديد ، فصمّم على أن ينهج نهج جدّه الحسين - عليه السلام - ويتمسّك بمبدإ ( لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل ولا أقرّ لكم إقرار العبيد ) . إن موقف السيد الشهيد هذا ناش من تصميمه على الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة ، إذ لا معنى للثورة بدون ذلك . وكان - رضوان اللَّه عليه - يستهدف من ذلك تهيئة الأجواء للشعب العراقي للسير معه في نفس الاتجاه ، رغم يقين شهيدنا الغالي بأن الشهادة هي المحطة التي سينتهي إليها في آخر المطاف ، ولم يكن هذا المصير يقلق مفجّر الثورة ، لأنه لم يكن يفكَّر إلَّا بقضيته ورسالته التي هي رسالة الإسلام . إن السيد الشهيد يعرف السلطة وطبيعتها الإجرامية ، وكان يعرف أن لغتها الوحيدة هي المشانق والسجون ، ولم يكن بحاجة إلى التكهّن بمصيره لو أراد مواجهتها ، لأنه يعرف مسبقا النتيجة ، وما أشبهه بجدّه الحسين - عليه السّلام - حين كان يجسّد أمامه مصرعه ( كأني بأوصالي تقطَّعها عسلان الفلوات ) وهكذا كان شهيدنا العظيم يرى مصرعه ، يرى الأيدي الأثيمة تمتد إلى قلبه الطاهر لتقطعه بسيوف حقدها . ومع ذلك كان ( رحمه اللَّه ) يرى أن ذلك يهون ويسهل إذا كان ينتهي إلى إقامة حكومة إسلامية في العراق . لا أقول هذا الكلام بسبب علاقتي أو حبي للسيد الشهيد ( رحمه اللَّه ) بل الوقائع والأدلة هي الشاهد وهي البرهان على ما أقول ، وسنعيش معا تلك اللَّحظات خلال فترة الحجز حين رفض شهيدنا العظيم كل الفروض التي قدمتها السلطة لإرضائه ، أو لفك الحجز ، أو لإنهاء الثورة ، ووقف كالجبل الأشمّ حتى كأنّك تراه وقد نزع اللَّه عز وجل من كيانه غريزة حبّ الحياة ، وأبدلها بغريزة حبّ الاستشهاد ، فكان من الطبيعي أن يتخذ ( رحمه اللَّه ) هذا الموقف ما دام قد بدأ الثورة ، وأذن لشعلتها أن تتوهج وتستمر حتى إقامة حكومة الإسلام في العراق .