الاعتقال : في صباح يوم الثلاثاء السابع عشر من رجب جاء المجرم مدير أمن النجف ، وطلب اللقاء بالسيد الشهيد . في هذا اللقاء قال مدير الأمن : إن السادة المسؤولين يريدون الاجتماع بكم في بغداد . فأجابه السيد الشهيد بانفعال شديد ، وقال له : إن كنت تحمل أمرا باعتقالي فنعم أذهب ، وإن كانت مجرد زيارة ، فلا . وأضاف : إنكم كممتم الأفواه ، وصادرتم الحريات ، وخنقتم الشعب ، تريدون شعبا ميّتا يعيش بلا إرادة ولا كرامة ، وحين يعبّر شعبنا عن رأيه ، أو يتخذ موقفا من قضيّة ما ، حين تأتي الألوف لتعبّر عن ولائها للمرجعيّة وللإسلام ، لا تحترمون شعبا ، ولا دينا ، ولا قيما ، بل تلجأون إلى القوة ، لتكمّوا الأفواه وتصادروا الحريات وتسحقوا كرامة الشعب . أين الحرية التي تدّعونها ؟ أين هذا الشعب الذي تدّعون أنكم تدافعون عنه ؟ أليس هؤلاء الآلاف الذين جاؤوا ليعبروا عن ولائهم للمرجعية هم أبناء العراق ؟ ما ذا ستقولون للجماهير وأنتم تسحقون قيمهم بأيديكم ؟ وظلّ الشهيد الغالي يصرخ بوجه هذا المجرم ، وكانت مفاجأة عظيمة له أذهلته وجعلته يلوذ بالصمت ، ولم يتمكن من الرد ولو بكلمة واحدة . ثم قال ( رضوان اللَّه عليه ) هيّا لنذهب إلى حيث تريد . خرج السيد الشهيد وكنت برفقته ، وكذلك الأخ الشيخ طالب الشطري ، والشهيدة السعيدة بنت الهدى ، وعقيلته الطَّاهرة أمّ جعفر ، ورافقنا أيضا خادم السيد ( الحاج عباس ) . كانت قوّات الأمن أكثر من مائتي شخص ، تتألف من قوات الأمن والجيش الشعبي ، وأعضاء منظمة حزب البعث العميل في النجف ، وكلَّهم مدجّجون بالسلاح والعتاد .