وأنس بن مالك ، وسمرة بن جندب . ثمّ إنّ في هذا السند - أعني رواية الحسن عن سمرة حديث اليد - خللا من جهة أخرى ، وهي أنّ المحقّقين من محدّثي القوم قالوا : لم يثبت سماع الحسن من سمرة ، ولا لقائه له ، ففي الحديث إرسال والواسطة مجهولة . أقول : وقد ثبت عن الحسن أنّه كثيرا ما يسند الحديث إلى غير ما سمعه منه ويقول : عن فلان ، يريد أنّه نقل عن فلان وحكي عنه . واستعمال هذه اللَّفظة فيمن لم يسمع عنه غير صحيح ، ولذا لا يعتبر المحدّثون المدقّقون الحديث المعنعن في درجة ما صرّح فيها بالسماع والتحديث ، ويلتزمون بإعادة لفظ « حدّثنا » و « أخبرنا » في كلّ راو راو ، إلَّا أنّ الحسن كان يدلَّس حتّى مع استعمال لفظ « حدّثنا » على ما في كتب القوم . ففي التقريب - لابن حجر العسقلاني - الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار بالتحتانية والمهملة ، الأنصاري - مولاهم - ثقة ، فقيه ، فاضل ، مشهور ، وكان يرسل كثيرا ويدلَّس . قال البزّاز : كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوّز ويقول : حدّثنا وخطبنا ، يعني قومه الذين حدّثوا وخطبوا بالبصرة . وقد ذكر غيره أيضا مثله . وكيف كان : فالعمل بمثل هذا الحديث الذي رواه المدلَّس عن مجهول عن ملحد ممّا يعيّن القول بأنّ المدار في حجيّة الخبر ووجوب العمل كون الخبر موثوقا بصدوره محفوفا بما يفيد الاطمئنان بصدقه ، وليس مقصورا على خصوص المرويّ عن الإمامي العدل الثقة . ويعجبني التنبيه على قاعدة أخرى : يعلم فيها تجرّي الجماعة المخالفين لنا في دينهم وأحاديثهم . فقد بالغ القوم في الثناء على البخاري - صاحب الصحيح - وشدّة احتياطه وتورّعه وأنّ كتابه أصحّ الكتب بعد كتاب اللَّه الكريم . وقد روى هذا المحتاط المتورّع في صحيحه عن هذا الشقيّ المخذول - أعني « سمرة » - وعن أشباهه من الفسقة الفجرة من الصحابة بالكلَّية المدّعاة عندهم - الثابتة بطلانها