عنه ، مضافا إلى قولنا « الضرر والضرار غير موجود في الدين » معنى يحتاج تنقيحه إلى تكلَّفات ، فانّ الضرر مثلا نقص المال أو ما يوجب نقصه ، وذلك ليس من الدين بديهة ، إذ الدين عبارة عن الأحكام ، لا الموضوعات ، فيحتاج حينئذ إلى جعل المعنى : أنّ الحكم الذي فيه ضرر أو ضرار ليس من الدين ، وهذا غير متبادر ، وإن بالغ فيه بعض المعاصرين ، انتهى . وليعلم : أنّ المدّعى أنّ « حديث الضرر » يراد به إفادة النهي عنه ، سواء كان هذا باستعمال التركيب في النهي ابتداء ، أو أنّه استعمال في معناه الحقيقي وهو النفي ولكن لينتقل منه إلى إرادة الغير ، كما يقال : إنّ كلمة « لا » عند استعماله في الاخبار عن نفي الطبيعة حقيقة أو نفي صحّتها أو نفي كمالها أو إرادة النهي منها في جميع المواضع المذكورة يستعمل في معنى واحد وهو نفي الطبيعة ، إمّا حقيقة أو ادّعاء ، فانّ ما لا يصحّ بمنزلة المعدوم في عدم حصول الأثر المطلوب منه ، وكذا الناقص غير الكامل بمنزلة المعدوم من بعض الجهات ، والمنهيّ عنه أيضا يراد من جهة شدّة التنفّر عنه والمبالغة في عدم إيجاده بأنّه غير موجود ، كما أنّ المأمور به إذا أريد المبالغة في طلبه يعبّر عنه بما يدلّ على وقوعه ، فيقال : تركب كذا وتذهب إلى زيد وتقول له . ولذا اشتهر بين أئمّة الأدب : أنّ الجملة الخبريّة التي أريد منها الأمر أبلغ في إفادة الطلب من التصريح بالأمر . وبالجملة : فالمدّعى أنّ « الحديث » يراد به إفادة النهي لا نفي الحكم الضرري ولا نفي الحكم المجعول للموضوعات عنه ، ولا يتفاوت في هذا المدّعى أنّ استعمال النفي في النهي بأيّ وجه ، وربّما كانت دعوى الاستعمال في معنى النفي مقدمة للانتقال إلى طلب الترك أدخل في إثبات المدّعى ، حيث لا يتّجه عليه ما يستشكل في المعنى الأوّل : من أنّه تجوّز لا يصار إليه . - التاسع - [ أمور ننبّه على جملة منها ] قد اتضحت مما تقدّم أمور ننبّه على جملة منها