وجوب الغسل فعليا ، وهو متوقف على جريان القاعدة . [ وفيه ] ثالثا : أنّه قد تقدّم مرارا في طيّ المباحث أنّه إذا تزاحم مقتضيان أحدهما تنجيزيّ والآخر تعليقيّ تقدّم الأوّل لعدم تأثير الثاني في عرض الأوّل ، فلا مزاحم له حقيقة ، مثل ما لو نذر بذل مال للفقراء ، وكانت استطاعته إلى الحج متوقفة على عدم البذل . فمقتضى النذر وجوب البذل من غير تعليق شرعا ، ومقتضى دليل الحج وجوب الحج معلَّقا على الاستطاعة . فاللازم تقديم الأوّل ، لأنّه مستلزم لرفع اليد عن مقتضى الاستطاعة لعدم تماميتها . بخلاف تقديم الثاني [1] فإنّه مستلزم لرفع اليد عن مقتضى النذر ، مع عدم قصور في بعث دليله للإطلاق . نعم لو وجب الحجّ مطلقا ، وكانت الاستطاعة من مقدّمات الوجود فقط لتزاحما . وصغريات هذا المطلب كثيرة ، منها ما نحن فيه ، فإنّ دليل وجوب الغسل ودليل لزوم المعاملة وعدم جواز الفسخ مطلق لم يعلَّق على عدم لزوم الضرر وأمثاله ، ودليل القاعدة معلَّق على عدم صدق الإقدام بحسب سوقه في مقام الامتنان . فالمقتضي لثبوت التكليف مطلق ، ومقتضي رفعه معلَّق على عدم صدق الإقدام ، فلو قدّم الأوّل لزم رفع اليد عن الثاني لعدم تماميّة ما علق عليه ولو بسبب التقديم . ولو قدّم الثاني لزم رفع اليد عن الأوّل من غير سبب ، بل تخصيصا وخروجا . نعم لو كان الثاني [2] أيضا مطلقا كان الثاني حاكما أو مخصصا ، أو معارضا بالعموم من وجه ، أو مزاحما على المباني والأنظار كما لو كان الأوّل [3] معلقا على
[1] وهو وجوب الحج التعليقي بمقتضى دليله . [2] وهو دليل قاعدة نفي الضرر الَّذي فرض سابقا تعليقه على عدم صدق الإقدام . [3] وهو دليل وجوب الغسل ، ودليل لزوم المعاملة وعدم جواز الفسخ .