الإتلاف [1] ، فكان بيانا لعدم مشروعية الإضرار والإتلاف ، إمّا لكونه على غير حق [2] ، أو لكونه عن حقّ [3] ، له مانع ومزاحم من حقوق أولى بالمراعاة [4] . فلا ربط له [5] حينئذ بالأحكام الضرريّة حتى يدلّ على عدم جعلها لما فيه الضرر . بخلاف ما لو أخذنا بالإطلاق ، وكان نفيا للضرر مطلقا ، على حسب الموارد . [6] فبالنسبة إلى ما ذكر من موارد الروايات لأجل عدم مجعوليّة حقّ رأسا [7] ، أو غير فعليّ [8] ، لأجل المزاحمة ، أو لعدم جعل أحكام موجبة للضرر . [9] فعلى هذا كان مخالفا لجملة من الحقوق والأحكام ، فيأتي حينئذ التكلَّم في أنّه هل حاكم على الأدلَّة المزبورة [10] ، أو مخصصها ؟ . وعلى أيّ التقديرين ذلك في مقام الامتنان حتى لا يزاحم الأحكام الإرفاقيّة ، أم لا ؟ . فعلم : أنّ هذه الجهات فوق ثبوت الإطلاق ، وإلَّا فهو طبع قاعدة الإتلاف من
[1] وقد اشتهرت هذه القاعدة بين الفقهاء تحت عنوان ( من أتلف مال الغير فهو له ضامن ) واستدلوا بها في كثير من أبواب الفقه ، إلَّا أنّ التنصيص على صيغتها لم يرد في شيء من رواياتنا ، بل وروايات العامة أيضا ، وقد استفادها الفقهاء من مدارك الأحكام الأربعة . [2] كما في مورد الشفعة ومنع فضل الماء . [3] كما في قضيّة سمرة والجدار . [4] كحقّ العرض ونحوه . [5] أي : لحديث نفي الضرر . [6] فإذا صدق الضرر في مورد من الموارد أي كان ، أصبح مشمولا لحكم القاعدة ، فيرتفع حكمه الأوليّ بها ، وعلى هذا يحمل فهم الأصحاب لمفاد هذه القاعدة . [7] كما في قضيتي الشفعة ، وفضل الماء . [8] كما في قضيتي سمرة والجدار . [9] كما في سائر الأحاديث النافية للضرر ، وقد ذكرناها في مقدّمة الكتاب ، في القسم الثاني من أحاديث القاعدة . [10] كدليل السلطنة ودليل الإتلاف ، وأمثالهما .