فالعمدة في الحلّ : أنّ البئر والقناة [1] تارة يحفران بقصد حيازة تمام مائهما . وأخرى : بقصد حيازة مقدار الاستقاء ، وما يحتاج إليه . وثالثة : يحتاز بئرا وقناة محفورتين ، وفيه أيضا لا يحقّ إلَّا مقدار ما يحتاج من الاستقاء وغيره . ففي الأخيرين لم يثبت له حقّ المنع حتى يستشكل في النهي عن المنع معلَّلا بالقاعدة المزبورة بما ذكر من استلزام إجراء القاعدة خلافا للإرفاق . وأمّا الأوّل وإن كان له حقّ المنع لكن للناس وللمواشي حقّ الشرب ، ما لم يمنع المالك ، فهو لم يستحقّ الماء إلَّا بهذا النحو من السلطة ، فنهي عن المنع [2] تنزيها لحفظ حقّ الناس والمواشي معلَّلا بعدم الضرر لأنّ منعه يوجب ارتفاع حقّهم ، وحيث لم يكن حقّهم مطلقا لم يثبت المنع التحريميّ ، بل كان حقّهم مغيا بعدم منعه ، فلا يصح إلَّا النهي التنزيهيّ ، لاستلزامه الضرر كذلك ، أي : بانتفاء حقّهم لا بمنعهم عن حقّهم ، فافهم . ( مضافا إلى ما سبق في حلّ إشكال خبر الشفعة من الحمل على ذكر ما يترتب
[1] القناة : كظيمة تحفر تحت الأرض لمجرى الماء ، وهي آبار متناسقة تحفر ويباعد ما بينها ، ثم يخرق ما بين كل بئرين بقناة تؤدي الماء من الأولى إلى التي تليها تحت الأرض ، فتجتمع مياهها جارية ، ثمّ تخرج عند منتهاها فتسيح على وجه الأرض . ( ترتيب كتاب العين ، للخليل ص 691 ، لسان العرب 12 : 106 ، 11 : 330 ) . [2] بل الظاهر : كون المنع تحريميا ، فيجب البذل كما حكي عن ابن الجنيد ، والسيد أبي المكارم بن زهرة ، وغيرهم ، وفي الجواهر ( 38 : 117 ) عن الشيخ في المبسوط أنّه قال : ( وكلّ موضع قلنا فيه بملك البئر فإنّه أحق بمائها بقدر حاجته لشربه ، وشرب ماشيته ، وسقي زرعه ، فإذا فضل بعد ذلك شيء وجب بذله بلا عوض لمن احتاج إليه ) . ( الجواهر 38 : 117 ) وهذا مضافا إلى كون الماء من المشتركات كما يدلّ عليه قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ( الناس شركاء في ثلاثة : النار ، والماء ، والكلاء ) ( المستدرك 17 : 114 ) ويدل عليه أيضا ما روي عن الكاظم عليه السلام : ( أنّ المسلمين شركاء في الماء ، والنار ، والكلاء ) . ( الوسائل 25 : 417 )