في التّعريف بجزئيّات المعنى المطلق وأجزائه ليخرج هذا عنه نعم لا يبعد كونه عاما بحسب اللَّغة كما أشرنا إليه إذا عرفت تعريف العام في الجملة فهنا مطالب الأوّل العام على قسمين أفرادي وهو الَّذي يكون كل واحد من أفراده مرادا من اللَّفظ استقلالا مثل كل واحد وكل رجل ونحو ذلك ومجموعي وهو أن يكون المراد منه مجموع الأفراد بملاحظة واحدة كلفظ جميع ومجموع والجمع المعرف على قول وكل منهما قد يتعلق به الحكم بهيئة الاجتماع وقد يتعلق بكل فرد مستقلا لأنّ استقلال كل فرد في القسم الأوّل إنّما هو من حيث الإرادة من اللَّفظ فلا ينافي تعلق الحكم به من حيث الاجتماع وكذا عدم الاستقلال في القسم الثّاني إنّما هو من حيث الإرادة من اللَّفظ فلا ينافي تعلق الحكم بكل واحد على الاستقلال فإنّه لا يوجب استعمال اللَّفظ في العموم الأفرادي أ لا ترى أنّ قوله تعالى إنّ اللَّه يحب المحسنين تعلق الحكم بكل فرد من المحسن مع أنّه لم يستعمل لفظ المحسنين إلَّا في الجميع هذا بحسب أصل الوضع لكن يمكن دعوى ظهور اللَّفظ في مقام الحكم في إرادة العموم الأفرادي فيكون كل فرد مستقلا في الإرادة هذا في الكلام المثبت أمّا المنفي فقد قيل إنّه إذا دخل النّفي على العام المجموعي أفاد سلب العموم وإذا دخل على العام الأفرادي أفاد عموم السّلب تارة وسلب العموم أخرى نحو إنّ اللَّه لا يحب كل مختال فخور وقوله ما كل ما يتمنى المرء يدركه واعترض عليه بأنّه إذا أفاد سلب العموم خرج اللَّفظ عن إفادة العموم الأفرادي لأنّ المراد به كون الأفراد بأسرها متعلقا للحكم على الاستقلال إثباتا كان أو نفيا والمؤدي لهذا المعنى في الإثبات هو كلمة كل واحد وفي النّفي هو كلمة لا شيء من الأفراد وفيه ما عرفت من أنّ اعتبار العموم الأفرادي والمجموعي إنّما هو بالنّظر إلى الإرادة من اللَّفظ لا بالنّظر إلى الحكم فتعلق الحكم ببعض الأفراد أو بالمجموع لا ينافي كون المراد من اللَّفظ كل الأفراد مستقلا فلا يلزم خروجه عن العموم الأفرادي إذا ورد السّلب على العموم ثم التّحقيق أمّا في العام المجموعي فهو أنّه كما يجوز تعلق الحكم الإثباتي بالأفراد استقلالا ومجتمعا كذا يجوز تعلق النّفي بالجميع على الاستقلال أو بهيئة الاجتماع أ لا ترى أنّ المراد بقوله تعالى إنّ اللَّه لا يحب المفسدين أنّه لا يحب أحدا منهم مع أنّ لفظ المفسدين عام مجموعي لم يستعمل إلَّا في معناه ونظيره في القرآن أكثر من أن يحصى بل لا يبعد دعوى ظهور النّفي كالإثبات في تعلق الحكم بكل واحد وأمّا العام الأفرادي فله أيضا استعمالان فتارة يتعلق النّفي فيه بالعموم وتارة يتعلق بكل فرد فمن الأوّل قوله ما كل ما يبتني المرء يدركه ومن الثّاني قوله تعالى إنّ اللَّه لا يحب كل مختال فخور وكل من الاستعمالين لا يوجب استعمال اللَّفظ في غير معناه الَّذي هو العموم الأفرادي لأنّ اعتبار الاجتماع إنّما هو في الحكم وأمّا النّكتة في اختلاف المعنى في هذين الاستعمالين فهي أنّ لفظ كل في الإثبات قد يعتبر موضوعا للحكم فإذا ورد النّفي عليه ورد على العموم فلا يقدح فيه ثبوت الحكم لبعض الأفراد وقد يعتبر سورا في القضيّة وآلة الملاحظة أفراد الموضوع فإذا ورد النّفي على الموضوع ورد على جميعها وصار الكل حينئذ آلة الملاحظة موضوع الحكم السّلبي فاقتضى عموم السّلب وأمّا ظاهر اللَّفظ فقد يدعى أنّه سلب العموم وقد يدعى أنّه عموم السّلب