النفساني يكون حقيقة ، ولكن ان يوجه عليه بما تقدم في مبحث الاخبار الانشاء انه في أمثال هذا الامر العقلاء لا يرتبون الأثر عليه ما لم يبزر فالتعهد النفساني وحدة لا يفيد . فما افاده المحقق الخراساني من أن هذا الاستعمال ليس بحقيقة تام ، كما أن ما افاده من عدم كونه مجازا أيضا تام لعدم كونه في غير ما وضع له . الجهة الثالثة الظاهر ثبوت الحقيقة الشرعية بنحو الوضع التعييني بالمعنى الثاني ، ويمكن ان يستدل له بوجوه . الأول : انه وان سلم عدم التصريح من الشارع بالوضع ، والا لوصل إلينا لعدم كونه مما توافر الدواعي لا خفائه بل توفر الدواعي لنقله ، الا ان بناء العقلاء دليل وضعه إذ لا ريب في ثبوت بنائهم على أن كل من اخترع شيئا يسميه باسم خاص لا سيما مع كونه مورد الابتلاء ، والظاهر أن الشارع المقدس لم يتخط عن هذه الطريقة المألوفة ، وعليه فهو أيضا وضع الفاظا لمخترعاته غاية الامر ، بما انه نعلم بعدم الوضع بالتصريح ، لا مناص عن الالتزام بالوضع بنحو الاستعمال . الثاني : ما ذكره المحقق الخراساني قال ويدل عليه تبادر المعاني الشرعية منها في محاوراته ، ويؤيد ذلك أنه ربما لا يكون علاقة معتبرة بين المعاني الشرعية واللغوية فأي علاقة بين الصلاة شرعا والصلاة بمعنى الدعاء انتهى . وأورد عليه : بان التبادر الفعلي لا يفيد إذ ثبوت الحقيقة المتشرعية ليس محل الكلام والخلاف ، وهو لا يدل الا عليه ، واما التبادر في زمان الشارع بمعنى انسباق ذهن أهل ذلك الزمان من تلك الألفاظ المتداولة إلى المعاني الشرعية فمما لا طريق لنا إلى اثباته - نعم - لا يبعد دعوى ثبوت الحقيقة في زمان الصادقين عليهما السلام بل قبله . ولكن الظاهر أن مراده هو التبادر في محاورات الشارع وفي ذلك الزمان بتقريب ان العرب المتدينين لما سمعوا الآيات المتضمنة للامر بتلك الألفاظ ، اما انهم لم يفهموا شيئا من تلكم المفاهيم والمعاني المعروفة ، أو فهموها بالقرينة ، أو فهموها من حاق اللفظ ولا رابع ، والا ولأن واضح البطلان ، فيتعين الثالث ، وهو علامة الحقيقة .