الاعتبار . فكم فرق بين ايجاد معنى ربطي في الكلام بما هو كلام ، وبين ايجاد معنى استقلالي في موطنه المناسب له . الرابع : ان المعنى الحرفي حين الاستعمال غير ملتفت إليه ، ويكون حاله حال اللفظ حين الاستعمال ، فكما ان المستعمل حين الاستعمال لا يرى الا المعنى ، ولا يلتفت إلى اللفظ ، كذلك المعنى الحرفي غير ملتفت إليه حال الاستعمال . بل الملتفت إليه ، هي المعاني الاسمية غير الاستقلالية . ولو التفت إليه يخرج عن كونه معنى حرفيا . ولذا لا يعقل جعله مبتدئا يخبر عنه . توضيح ذلك : انه تارة تخبر عن نفس السير الخاص وتقول : . سرت من البصرة " فالنسبة الابتدائية في هذا المقام ، مغفول عنها . وأخرى عن نفس النسبة ، فتقول النسبة الابتدائية كذا ، فهي الملتفت إليها . فالمتحصل من هذه الأركان : ان الحروف ، لها معان في قبال المعاني الاسمية . وهي في حد كونها معاني - أي في عالم التجرد العقلاني - معان غير مستقلة وتكون المعاني الحرفية بأجمعها ، ايجادية ، موجدة لمعنى ربطي في الكلام ، لا في محل آخر ، كما في مادة الهيئة الانشائية . بخلاف المعاني الاسمية ، فإنها بجواهرها واعراضها في عالم التجرد العقلاني ، معان مستقلة ، وتكون اخطارية . ويرد على ما افاده ( قده ) أمور : الأول : ان الكلام الذي هو مركب من الكلمات التي يكون كل كلمة منها فردا من مقولة الكيف المسموع ، من حيث هو كلام لا يعقل الارتباط فيه . بل كون الكلام مرتبطا بعضه ببعض ، انما يكون بلحاظ ما يحكى عنه هذا الكلام ، وانما يستند إليه ثانيا وبالعرض . وعلى ذلك ، ان كان مراده ( قده ) من أن الحرف يوجد الربط ، انه يوجد الربط في الكلام ، ويكون آلة لربط بعض اجزائه ببعض ، فقد عرفت ما فيه . وان كان مراده ، انه يوجد الربط بين اجزاء المدلول بالعرض ، أي الواقع ، فهو غير معقول . إذ الحاكي لا يمكن ان يؤثر في المحكى ، والا لزم تقدم ما هو متأخر ، مضافا إلى مخالفته للوجدان . وان أريد انه يوجد الربط في المدلول بالذات ، أي المفاهيم المتصورة ، فيرد عليه : ان تلك المفاهيم ، ان لوحظت مرتبطا بعضها ببعض ، فالحرف لم يصر سببا لايجاد الربط ، بل يكون حاكيا عنه ، فيكون معناه اخطاريا . وان لوحظت غير مرتبط بعضها ببعض ، فلا يعقل ايجاد الربط بين