الأول : منافاته لحكمة الوضع وهي التفهيم والتفهيم إذ الاشتراك موجب لعدم حصول تفيهم المعنى الأول - ولا الثاني الذين هما الموضوع لهما - . وأجاب عن ذلك المحقق الخراساني بجوابين : الأول : امكان الاتكال في تفهيم المعنى على القرائن الواضحة ، وفيه : ان هذا الجواب غير مربوط بالاستدلال : فان تقريب الاستدلال ان الغرض من الوضع ليس هو عدم تفهيم المعنى لأنه محقق قبله ولا أمور اخر كايقاظ النائم لعدم ترتبها على الوضع ، بل الغرض منه هو تفهيم المعنى ، والاشتراك يوجب عدم ترتبه كما عرفت ، وما ذكره المحقق الخراساني غير مرتبط بذلك ، بل هو جواب عما أدرجه هو ( قده ) في الاستدلال ، وهو ان تفهيم المعنى بواسطة القرائن غير صحيح : فإنه كثيرا ما يختفي القرائن . الثاني : انه قد يتعلق الغرض بالاجمال ، وفيه : ما تقدم من أن الاجمال وعدم التفهيم ليس غرضا من الوضع . فالصحيح في الجواب عنه ان يقال : ان الانتقال في الجملة بمعنى الصرف عن بقية المعاني ثابت مع الاشتراك ، فهو ليس منافيا لحكمة الوضع رأسا ، مع أن الوضع انما يكون مقتضيا للانتقال إلى المعنى لا علة تامة له وذا عند نصب القرينة لا ينتقل إليه ، فكما ان القرينة تمنع من ذلك ، كذلك الوضع الثاني ، فلو علمنا من الخارج أو من قرينة انه لم يرد أحد المعنيين لا محالة ينتقل إلى الاخر وبهذا يمتاز عن الحقيقة والمجاز : فان عدم إرادة حقيقة لا يكفي في الانتقال إلى المعنى المجازى فيتوقف الانتقال إليه له ما يدل على ارادته ، وهذا بخلاف المشترك ، وهذا هو المراد مما اشتهر من أن إرادة أحد المعنيين في المشترك تتوقف على القرينة الصارفة ، واما المجاز فإرادته تتوقف على القرينة المعينة . الوجه الثاني : ان لازم الاشتراك الانتقال إلى معنيين في آن واحد وهو غير ممكن . وفيه : ان المراد بالانتقال ان كان هو الانتقال التصوري فهو مما لا محذور فيه لان اجتماع شيئين في آن واحد في النفس التي هو من المجردات لا مانع عنه ، بل هو واقع كثيرا ، ولذا يحكم على الوجود والعدم بأنهما نقيضان ولو أنهما يتصورا في آن واحد لما صح الحمل للزوم تصور الموضوع حين الحمل ، ومنه يظهران ذلك جار في جميع القضايا فان صحة الحمل تتوقف على تصور الموضوع والمحمول في آن واحد ، وان