لزوم البحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم وعدمه الثالث : في لزوم البحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم وعدمه . قد طفحت كلمات القوم وأهل الفن بان موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، مع أنهم صرحوا بان العارض للشئ بواسطة امر أخص عارض غريب لا ذاتي . فيشكل حينئذ بان أغلب محمولات العلوم ، عارضة لأنواع موضوعاتها ، فتكون اعراضا غريبة بالنسبة إلى موضوع العلم . وقبل الشروع في ما ذكره الأصحاب في التفصي عن هذه العويصة ، وبيان ما هو الحق عندنا لابد من تقديم مقدمة وهي ان العوارض جمع العارض ، لا العرض ، فان جمعه الاعراض ، وهو المحمول على الشئ الخارج عنه ، فيشمل العرض ، المقابل في باب الكليات بالذاتي ، وهو ما يتألف منه الشئ كالجنس والفصل ، وغيره ، كما يشمل الذاتي باصطلاح الحكماء وما يقابله ، وهما ، المحمول بالضميمة ، أي ما لا يحمل على الشئ الا بعد ضم شئ آخر إليه كالعالم ، حيث إنه لا يحمل على الذات الا بعد ضم العلم إليه ، وخارج المحمول ، أي ما يكون خارجا حقيقة الشئ ، المحمول عليه بعد ملاحظة نفس الذات ، وان لم ينضم إليه شئ آخر . ثم إن أول من صرح بهذا الكلام ، أي موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، بما انه من الحكماء ، وتبعة غيره منهم ، وكان لا ينطبق ذلك على اصطلاحهم في الذاتي ، إذا غلب المحمولات بالنسبة إلى الموضوعات تكون من المحمولات بالضميمة ، ففسره أهل المعقول ، بما فسره به صاحب الكفاية بقوله : " أي بلا واسطة في العروض " . والمراد به كون العارض عارضا له حقيقة ، سواء كان بلا واسطة في الثبوت كادراك الكليات العارضة للنفس الناطقة ، أو مع الواسطة في الثبوت كالحرارة العارضة للماء بواسطة النار ، والضابط هو ان لا يكون نسبة العرض إلى الشئ بالعناية والمسامحة ، من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه من غير فرق بين كونها حلية كالحركة العارضة لجالس الفسينة ؟ ؟ بواسطتها ، أو خفية كالبياض المنتسب إلى الجسم ، فان المعروض له حقيقة