بطن أمه " . فقال : الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء - الحديث . الثاني - أنه مع قطع النظر عن الروايات المفسرة لا محيص عن صرفها عن ظاهرها ، لان من كان مطيعا فصار عاصيا أو كان عاصيا فصار مطيعا ، هل يكون في بطن أمه شقيا أم سعيدا ، فان كان سعيدا يلزم أن لا يكون الشقي في بطن أمه شقيا لأنه حين عصيانه شقي ، أولا يكون عصيانه ناشئا عن الشقاوة ، وان كان شقيا لزم أن لا يكون السعيد في بطن أمه سعيدا لأنه حين اطاعته سعيد ، أولا تكون اطاعته ناشئة عن السعادة الذاتية . وأما الرواية الثانية فهي أجنبية عما اختاره بالمرة ، وذلك لأن مفادها أنه كما أن معادن الذهب والفضة مختلفة تنقسم إلى الجيد والردئ كذلك الناس مختلفون باختلاف الغرائز والاستعدادات والصفات النفسانية ، وذلك لا يلزم سلب الاختيار ، بل الاختيار في الجميع يكون موجودا ولا يكون أحد مجبورا على الإطاعة أو العصيان كما مر تحقيق ذلك . وأين هذا من الالتزام بأن الإطاعة والعصيان ناشئتان عن السعادة والشقاوة الذاتيتين . اختلاف الناس في الصفات النفسانية . الثالث لا يخفى أنا لا ندعي تساوى جميع الافراد في المرجحات الداعية إلى اختيار الطاعة أو العصيان وعدم مدخلية الصفات النفسانية ، التي هي جنود العقل وجنود الجهل فيه ، لان هذا مخالف للعيان ويرده الآيات الشريفة والروايات المستفيضة . بل ندعي وجود الاختيار في الجميع وان المطيع يطيع باختياره والعاصي يخالف التكليف باختياره ، والا فلو كان مجبورا على الفعل لا يكون بالنسبة إلى ذلك الفعل مطيعا ولا عاصيا ولا يستحق الثواب ولا العقاب عليه . وبعبارة أخرى : لابد من اشتراك جميع المكلفين في قدرتهم على الفعل والترك حتى يصح التكليف والثواب والعقاب ، وأما زائدا على ذلك بحيث يلزم تساوى الجميع