الموجد يستلزم ثبوت الشريك له ، فلابد من الالتزام بالجبر حفظا لسلطنة الله وأنه المتصرف الوحيد . وفيه : ان ذلك انما يلزم لو كان للعبد استقلال ووجود وقدره بنفسه ، وأما مع التزامه بأنه محتاج في وجوده وقدرته وسائر مبادئ الفعل بل بالنظر الدقيق هو كسائر الموجودات عين الحاجة لا شئ محتاج ، فلا يلزم من اسناد الفعل إلى العبد حقيقة عزل الله تعالى عن ملكه أو تصرف الغير في سلطانه ، كيف هو وقدرته وجميع شؤونه موجودة بايجاده . ولنمثل لتقريب ذلك مثالا وان كان دون ما نحن فيه بكثير ، وهو : أن الغنى القادر القوى لو أعطى الضعيف وأغنى الفقير ، وهو قادر في كل حين على سلبه وابقائه ، هل يتوهم أحد أن يعد الضعيف شريكا للقوى ؟ كلا . وبهذا الذي ذكرناه أخبر المؤمنين عليه السلام عباية الأسدي حين سأله عن الاستطاعة التي يقوم بها يقعد ويفعل ويترك . فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أسألك عن الاستطاعة تملكها من دون الله أو مع الله ؟ فسكت عباية ، فقال له أمير المؤمنين ( ع ) : قل يا عباية . وما أقول ؟ قال : ان قلت انك تملكها من دون الله قتلتك ، وان قلت تملكها مع الله قتلتك . قال : فما أقول ؟ قال : تقول انك تملكها بالله الذي يملكها من دونك - الحديث 1 . فانظر إلى هذا الحديث كيف كشف الغطاء ولم يدع على هذه الحقيقة من ستار . الاستدلال للجبر باسناد الاضلال إلى الله تعالى خامسها انه قد نسب الاضلال إلى الله تعال في كثير من الآيات ، قال الله تعالى
1 - نقله الإمام أبو الحسن الثالث عليه السلام في رسالته إلى أهل الأهواز على ما رواها في البحار 5 / 75 من طبعة طهران .