فلا يتم ذلك : فإنه قد تقدم منا ان المفهوم إذا كان بالقياس إلى بعض أصنافه أو افراده يتصور فيه الانقضاء ، وبالقياس إلى بعضها الاخر لا يتصور كالعالم : فإنه بالنسبة إلى الباري تعالى لا يتصور فيه الانقضاء ، وبالقياس إلى غيره يتصور ، يجرى النزاع في ذلك المفهوم ، وعليه ففي المقام بما ان بعض أصناف هذه الهيئة يتصور فيه الانقضاء وبعضها يتصور فيه ذلك يجرى النزاع فيه . وهذا هو القول في المقام . عدم دلالة الافعال على الزمان الثالث : قد مر ان المصادر والافعال خارجة عن محل النزاع : لأنها غير جارية على الذوات ، لان المصادر وضعت للدلالة على المبادئ التي تغاير الذات ولا يقبل الحمل عليها ، والافعال وضعت للدلالة على نسبة المادة إلى الذات على أنحائها المختلفة ومعلوم ان معانيها هذه تأبى عن الحمل عل الذوات . ثم إن المشهور بين النحويين دلالة الافعال على الزمان ولذا زادوا في حد الفعل الاقتران بأحد الأزمنة الثلاثة ، ولكن الظاهر أن مراد النحويين من دلالة الفعل على الزمان ، ليس ما هو ظاهره من أن ، فعل الماضي ما دل على وقوع الحديث في الزمان الماضي ، وفعل المضارع ما دل على وقوع الفعل في الحال أو المستقبل ، كي يرد عليهم : بان الفعل قد يسند إلى الزمان ، مثل مضى شهر رمضان ، وقد يسند إلى المحيط بالزمان كما يقال ان الله تعالى تكلم مع موسى ( ع ) ، أو خلق الله الأرواح وماما كل ، فيلزم منه حينئذ القول بالمجاز أو التجريد عند الاسناد في هذه الموارد . بل المراد ان فعل الماضي موضوع الإفادة النسبة التحقيقية السبقة ، والمضارع وضع لإفادة النسبة التحقيقية المعية ، أو الآتية ، وهو حق لا ريب فيه . توضيح ذلك أنه لكل فعل مادة وهيئة ولكل منهما وضع خاص ، فالمادة موضوعة للطبيعة في ضمن أي هيئة كانت ، والهيئة موضوعة لمعنى خاص مع أي مادة كانت ، اما المادة فهي موضوعة لنفس الطبيعة الخاصة المهملة ، ولم يؤخذ فيها التحقق ولا عدمه ،