إلى إلقاء ظلال تلك المصطلحات السابقة على البحث ، ونتج عن ذلك أن أجاب البعض على السؤال بالنفي ، وأدى ذلك إلى شجب علم الأصول كله لأنه إنما يراد لاجل الاجتهاد ، فإذا الغي الاجتهاد لم تعد حاجة إلى علم الأصول . وفي سبيل توضيح ذلك يجب أن نذكر التطور الذي مرت به كلمة الاجتهاد ، لكي نتبين كيف أن النزاع الذي وقع حول جواز عملية الاستنباط والضجة التي أثيرت ضدها لم يكن إلا نتيجة فهم غير دقيق للاصطلاح العلمي ، وغفلة عن التطورات التي مرت بها كلمة الاجتهاد في تاريخ العلم . الاجتهاد في اللغة مأخوذ من الجهد وهو " بذل الوسع للقيام بعمل ما " وقد استعملت هذه الكلمة - لأول مرة - على الصعيد الفقهي للتعبير بها عن قاعدة من القواعد التي قررتها بعض مدارس الفقه السني وسارت على أساسها وهي القاعدة القائلة : " إن الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكما شرعيا ولم يجد نصا يدل عليه في الكتاب أو السنة رجع إلى الاجتهاد بدلا عن النص " . والاجتهاد هنا يعني التفكير الشخصي ، فالفقيه حيث لا يجد النص يرجع إلى تفكيره الخاص ويستلهمه ويبني على ما يرجع في فكره الشخصي من تشريع ، وقد يعبر عنه بالرأي أيضا . والاجتهاد بهذا المعنى يعتبر دليلا من أدلة الفقيه ومصدرا من مصادره ، فكما أن الفقيه قد يستند إلى الكتاب أو السنة ويستدل بهما معا كذلك يستند في حالات عدم توفر النص إلى الاجتهاد الشخصي ويستدل به . وقد نادت بهذا المعنى للاجتهاد مدارس كبيرة في الفقه السني ، وعلى رأسها مدرسة أبي حنيفة . ولقي في نفس الوقت معارضة شديدة من أئمة أهل