اليقين ودليلهم سمت الهدى ، واما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى ) . وعلى هذا الأساس يكون مفاد الرواية التحذير من الانخراط في الدعوات والاتجاهات التي تحمل بعض شعارات الحق لمجرد حسن الظن بوضعها الظاهري بدون تمحيص وتدقيق في واقعها ، ولا ربط لها حينئذ بتعيين الوظيفة العملية في موارد الشك في التكليف . واما مشهور المعلقين على الرواية ، فقد افترضوا ان الشبهة بمعنى الشك تأثرا بشيوع هذا الاطلاق في عرفهم الأصولي ، وحاولوا المناقشة في الاستدلال بوجه آخر مبني على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إذ على هذا المسلك تكون الشبهة البدوية مؤمنا عنها بالقاعدة المذكورة ما لم يجعل الشارع منجزا للتكليف المشكوك بإيجاب الاحتياط ونحو ذلك ، وهذا معناه ان التنجز واستحقاق العقاب من تبعات وجوب الاحتياط وليس سابقا عليه ، ونحن إذا لاحظنا الرواية المذكورة نجد انها تفترض مسبقا ، ان الاقدام مظنة للهلكة وتنصح بالوقوف حذرا من الهلكة ، ومقتضي ذلك انها تتحدث عن تكاليف قد تنجزت وخرجت عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان في المرتبة السابقة ، وليست بصدد إيجاب الاحتياط وتنجيز الواقع المشكوك بنفسها ، ونتيجة ذلك أن الرواية لا تدل على وجوب الاحتياط ، وانها تختص بالحالات التي يكون التكليف المشكوك فيها منجزا بمنجز سابق ، كالعلم الاجمالي ونحوه . ومنها : رواية جميل عن أبي عبد الله ( ع ) عن آبائه قال : قال رسول الله ( ص ) : الأمور ثلاثة ، أمر بين لك رشده فاتبعه ، وأمر بين لك غيه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله . وكأنه يراد ان يدعى ان الشبهات الحكمية من القسم الثالث ، وقد أمرنا