وبذلك يثبت استقرار السيرة على العمل بالظواهر . الطريق الخامس : الملاحظة التحليلية الوجدانية بمعنى : ان الانسان إذا عرض مسألة على وجدانه ومرتكزاته العقلائية ، فرأى أنه منساق إلى اتخاذ موقف معين ، ولاحظ ان هذا الموقف واضح في وجدانه بدرجة كبيرة ، واستطاع ان يتأكد من عدم ارتباطه بالخصوصيات المتغيرة من حال إلى حال ، ومن عاقل إلى عاقل بملاحظة تحليلية وجدانية ، أمكنه ان ينتهي إلى الوثوق بان ما ينساق إليه من موقف حالة عامة في كل العقلاء . وقد يدعم ذلك باستقراء حالة العقلاء في مجتمعات عقلائية مختلفة للتأكد من هذه الحالة العامة . وهذا طريق قد يحصل للانسان الوثوق بسببه ، ولكنه ليس طريقا استدلاليا موضوعيا الا بقدر ما يتاح للملاحظ من استقراء للمجتمعات العقلائية المختلفة . واما سكوت المعصوم الدال على الامضاء فقد يقال : إن من الصعوبة بمكان الجزم به ، إذ كيف نعرف انه لم يصدر من المعصوم ما يدل على الردع عن السيرة المعاصرة له ، وغاية ما نستطيع ان نتأكد منه هو عدم وجود هذا الردع فيما بأيدينا من نصوص غير أن ذلك لا يعني عدم صدوره ، إذا لعله قد صدر ولم يصل . غير أن الطريقة التي نتغلب بها على هذه الصعوبة تتم كما يأتي : نطرح القضية الشرطية القائلة : لو كان قد ردع المعصوم عن السيرة لوصل الينا ، والتالي باطل لان المفروض عدم وصول الردع ، فالمقدم مثله . ووجه الشرطية ان الردع عن سيرة عقلائية مستحكمة لا يتحقق بصورة جادة بمجرد نهي واحد أو نهيين ، بل يجب ان يتناسب حجم الردع مع قوة السيرة وترسخها ، فالردع إذن يجب ان يتمثل في نواه كثيرة ، وهذه النواهي بنفسها تخلق ظروفا مناسبة لأمثالها لأنها تلفت انظار الرواة إلى السؤال وتكثر الأسئلة والأجوبة ، والدواعي متوفرة لضبط هذه النواهي من قبل الرواة ، فيكون من