التي يبرز فيها المولى - بجملة إنشائية أو خبرية - مرحلة الثبوت بدافع من الملاك والإرادة ، وهذا الابراز قد يتعلق بالإرادة مباشرة ، كما إذا قال أريد منكم كذا ، وقد يتعلق بالاعتبار الكاشف عن الإرادة ، كما إذا قال : ( لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) . وإذا تم هذا الابراز من المولى أصبح من حقه على العبد قضاء لحق مولويته الاتيان بالفعل ، وانتزع العقل عن إبراز المولى لإرادته الصادر منه بقصد التوصل إلى مراده عناوين متعددة من قبيل البعث والتحريك ونحوهما . وكثيرا ما يطلق على الملاك والإرادة - وهما العنصران اللازمان في مرحلة الثبوت - اسم ( مبادئ الحكم ) ، وذلك بافتراض أن الحكم نفسه هو العنصر الثالث من مرحلة الثبوت - أي الاعتبار - والملاك والإرادة مبادئ له وأن كان روح الحكم وحقيقته - التي بها يقع موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال - هي نفس الملاك والإرادة إذا تصدى المولى لابرازهما بقصد التوصل إلى مراده سواء أنشأ اعتبارا أو لا . ولكل واحد من الأحكام التكليفية الخمسة مبادئ تتفق مع طبيعته ، فمبادئ الوجوب هي الإرادة الشديد ، ومن ورائها المصلحة البالغة درجة عالية تأبى عن الترخيص في المخالفة . ومبادئ الحرمة هي المبغوضية الشديدة ، ومن ورائها المفسدة البالغة إلى الدرجة نفسها . والاستحباب والكراهة يتولدان عن مبادئ من نفس النوع ، ولكنها أضعف درجة بنحو يسمح المولى معها بترك المستحب وبارتكاب المكروه . وأما الإباحة فهي بمعنيين ، أحدهما : الإباحة بالمعنى الأخص التي تعتبر نوعا خامسا من الأحكام التكليفية ، وهي تعبر عن مساواة الفعل والترك في نظر المولى . والآخر : الإباحة بالمعنى الأعم ، وقد يطلق عليها اسم الترخيص في مقابل الوجوب والحرمة فتشمل المستحبات والمكروهات مضافا إلى المباحات بالمعنى الأخص لاشتراكها جميعا في عدم الالزام .