الملازمة بين الحسن والقبح والامر والنهي الحسن والقبح أمران واقعيان يدركهما العقل . ومرجع الأول إلى أن الفعل مما ينبغي صدوره . ومرجع الثاني إلى أنه مما لا ينبغي صدوره . وهذا الانبغاء إثباتا وسلبا أمر تكويني واقعي وليس مجعولا . ودور العقل بالنسبة إليه دور المدرك لا دور المنشئ والحاكم ، ويمسى هذا الادراك بالحكم العقلي توسعا . وقد ادعى جماعة من الأصوليين الملازمة بين حسن الفعل عقلا ، والامر به شرعا ، وبين قبح الفعل عقلا والنهي عنه شرعا ، وفصل بعض المدققين منهم بين نوعين من الحسن والقبح ، أحدهما الحسن والقبح الواقعان في مرحلة متأخرة عن حكم شرعي والمرتبطان بعالم امتثاله وعصيانه من قبيل حسن الوضوء باعتباره طاعة لامر شرعي ، وقبح أكل لحم الأرنب بوصفه معصية لنهي شرعي . والآخر الحسن والقبح الواقعان بصورة منفصلة عن الحكم الشرعي كحسن الصدق والأمانة ، وقبح الكذب والخيانة ، ففي النوع الأول يستحيل أن يكون الحسن والقبح مستلزما للحكم الشرعي ، والا للزم التسلسل ، لان حسن الطاعة وقبح المعصية إذا استتبعا أمرا ونهيا شرعيين ، كانت طاعة ذلك الامر