2 - القاعدة العملية الثانوية وقد انقلبت بحكم الشارع تلك القاعدة العملية الأساسية إلى قاعدة عملية ثانوية ، وهي أصالة البراءة القائلة بعدم وجوب الاحتياط . والسبب في هذا الانقلاب أنا علمنا عن طريق البيان الشرعي ، أن الشارع ، لا يهتم بالتكاليف المحتملة إلى الدرجة التي تحتم الاحتياط على المكلف ، بل يرضى بترك الاحتياط . والدليل على ذلك نصوص شرعية متعددة ، من أشهرها النص النبوي القائل : " رفع عن أمتي ما لا يعلمون " ، بل استدل ببعض الآيات على ذلك كقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [1] . فإن الرسول يفهم كمثال على البيان والدليل فتدل الآية على أنه لا عقاب بدون دليل ، وهكذا أصبحت القاعدة العملية هي عدم وجوب الاحتياط بدلا عن وجوبه ، وأصالة البراءة شرعا بدلا عن أصالة الاشتغال عقلا . وتشمل هذه القاعدة العملية الثانوية موارد الشك في الوجوب ، وموارد الشك في الحرمة على السواء ، لان النص النبوي مطلق ، ويسمى الشك في الوجوب ب " الشبهة الوجوبية " والشك في الحرمة ب " الشبهة التحريمية " كما تشمل القاعدة أيضا الشك مهما كان سببه . ولأجل هذا نتمسك بالبراءة إذا شككنا في التكليف ، سواء نشأ شكنا في ذلك من عدم وضوح أصل جعل الشارع للتكليف أو من عدم العلم بتحقيق موضوعه ، ومثال الأول شكنا في وجوب صلاة العيد أو في حرمة التدخين ، ويسمى بالشبهة الحكمية . ومثال الثاني : شكنا في وجوب الحج لعدم العلم بتوفر الاستطاعة ، ومع