وهو أوضح من أن يخفى على عاقل فضلا عن فاضل ، ضرورة أن تحمل المشاق في تحصيل المقدمات - فيما إذا كان المقصود بعيد المسافة وكثير المؤونة - ليس إلا لاجل تعلق إرادته به ، وكونه مريدا له قاصدا إياه ، لا يكاد يحمله على التحمل إلا ذلك ، ولعل الذي أوقعه في الغلط ما قرع سمعه من تعريف الإرادة بالشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد ، وتوهم أن تحريكها نحو المتأخر مما لا يكاد ، وقد غفل عن أن كونه محركا نحوه يختلف حسب اختلافه ، في كونه مما لا مؤونة له كحركة نفس العضلات ، أو مما له مؤونة ومقدمات قليلة أو كثيرة ، فحركة العضلات تكون أعم من أن تكون بنفسها مقصودة أو مقدمة له ، والجامع أن يكون نحو المقصود ، بل مرادهم من هذا الوصف - في تعريف الإرادة - بيان مرتبة الشوق الذي يكون هو الإرادة ، وإن لم يكن هناك فعلا تحريك ، لكون المراد وما استاق إليه كمال لاشتياق أمرا استقباليا غير محتاج إلى تهيئة مؤونة أو تمهيد مقدمة ، ضرورة أن شوقه إليه ربما يكون أشد من الشوق