أمّا على الأوّل : فواضح أنّ الصلاة لا شأن لها بالنسبة إلى القنوت حسب الفرض ، إلاّ كونها ظرفاً ، وهو مظروف لها ، وأنّى لجزء الفرد وهذا ؟ ! وكذا على الثاني : لصيرورته على هذا من أجزاء ماهيّة الصلاة كالقراءة . وعلى الثالث : تكون هناك ماهيّتان : يكون الموجود الخارجي منها بدون القنوت مصداقاً لإحداهما ، ومع القنوت مصداقاً للأُخرى ، فتدبّر . وربّما يتصوّر جزء الفرد وشرطه من جهة أنّ الصلاة حقيقة بسيطة منتزعة ، لها مراتب متفاضلة بعضها على بعض ، وذلك المعنى الانتزاعي ينتزع من كلّ مرتبة من المراتب ، فهي حقيقة مشكّكة متّحدة مع تلك المراتب ، فكما يصحّ انتزاعها من الأجزاء والشرائط المقوّمة للماهيّة ، فكذلك يصحّ انتزاعها من المرتبة الواجدة للمزايا . ولكنّه مدفوع : بأنّه لو كانت الصلاة حقيقة خارجيّة واحدة ذات مراتب تتّحد مع كلّ مرتبة ، أمكن تصوير التشكيك فيها ، وأمّا لو كانت أمراً انتزاعيّاً فلا معنى لتصوير التشكيك فيها ، كما لا يصحّ التشكيك في الماهيّة ; بداهة أنّ انتزاع حقيقة بسيطة - كالصلاة مثلاً - من تسعة أجزاء لو صحّت ، فإنّما هي غير ما ينتزع من عشرة أجزاء . مضافاً إلى أنّ القول : بأنّ الصلاة عبارة عن شيء آخر غير ما أوّله التكبير وآخره التسليم ، كأنّه خلاف الضرورة ، والضرورة قاضية بأنّه لا يكون لها حقيقة ما وراء ذلك . ولكن الذي يقتضيه التحقيق في تصوير الجزء الفرد أو شرطه - وهو غاية ما يمكن أن يُتشبّث به لذلك - هو أن يقال : إنّ الماهيّات الاعتباريّة على قسمين : فقسم منها ما لا يعتبر فيه إلاّ مجرّد اجتماع الأجزاء كالعشرة ، فاعتبرت الأجزاء واحداً فقط . وقسم آخر اعتبر فيه هيئة خاصّة وشكل مخصوص ، وذلك كالدار والمدرسة