يشيب ويهرم إلى أن يموت ، يتحوّل ويتبدّل عرفاً ، بل حقيقة ، ومع ذلك تكون له هويّة ثابتة ، يقال : إنّه كان صغيراً ، ثمّ صار شابّاً ، ثمّ شيخاً إلى أن مات ، فللعقل تحليل الموجود الخارجي الذي هذا حاله إلى ما يكون دخيلاً في قوامه وماهيّته ، وما يكون من عوارض وجوده وتحقّقه ، وهو تحيّثه بأين كذا ، وكمٍّ كذا . . . فتحصّل ممّا ذكرنا : إمكان تصوير جزء الفرد في الماهيّات الحقيقيّة . وأمّا تصويرهما في الماهيّات والمركّبات الاعتباريّة فقد وقع الإشكال فيه : بلحاظ أنّه لم يكن للمجموع المركّب وجود وتشخّص خارجيّ وراء الأجزاء وتشخّصها ، بل لكلّ جزء منه وجود مستقلّ بحياله ، بل ربّما يكون كلّ جزء مقولة ، ومحال أن توجد مقولات متعدّدة بوجود واحد شخصيّ ، كما قُرّر في محلّه ( 1 ) ، فالهيئة التركيبيّة لا وجود لها إلاّ بالاعتبار - أي اعتبار مجموعها أمراً واحداً - واعتبارُ المجموع بدون ذلك الجزء غير الدخيل في الماهيّة ، غيرُ اعتبار المجموع مع ذلك الجزء ، فبالطبع البعث المتوجّه إلى نفس الطبيعة غير باعث لذلك الجزء . نعم : يمكن البعث إليه إذا لاحظه مع المجموع مرّة أُخرى ، وتوجّه البعث إلى المجموع مع هذا الجزء ، ولكنّه أمر مستأنف متعلّق بطبيعة أُخرى ، فلا يتصوّر فيه جزء الفرد . وبالجملة : يُشكل تصوير جزء الفرد أو شرطه في الماهيّات الاعتباريّة في قبال الجزء أو الشرط المقوّم للماهيّة ، فإنّ القنوت - مثلاً - لا يخلو : إمّا أن يكون مأموراً به مستقلاًّ ، لكن ظرف إتيانه ومحلّه الصلاة ، أو يكون جزءاً واجباً للصلاة ، أو يقال : يتعلّق أمر آخر بالصلاة مع القنوت ، وراء الأمر المتعلّق بنفس طبيعة الصلاة . وواضح أنّه على شيء من الوجوه لا يكون القنوت جزءاً للفرد .